أوجاع إفريقيا

27 أكتوير 2014

تعيسة هي القارة الإفريقية  التي لم تعد فقط موطنا للحروب الأهلية والصراعات الدموية ومستقرا للمجموعات الإرهابية ولصوص الثروة، بل أصبحت أيضا موطنا  للأمراض والأوبئة التي ساهمت في زيادة التحديات والأعباء التي تواجهها شعوب السمراء المغلوبة على أمرها.
إن هذه الأمراض غير المسبوقة،  تتسبب في إبادة أجيال بكاملها، الأمر الذي ينعكس سلبا على المجمع والاقتصاد ويحرم  إفريقيا من مواردها البشرية الهائلة، لتبدو المسكينة قارة متعبة ضعيفة تتسوّل المساعدة وتشحت الدعم  اللذان لا تنالهما دون مقابل أوابتزاز.
إفريقيا اليوم موبوءة بايبولا، وعاجزة عن احتوائه تماما كما هي عاجزة عن احتواء التهديدات الأمنية المنتشرة هنا وهناك ومواجهة عدم الاستقرار السياسي الذي يتهددها في الصومال، جمهورية إفريقيا الوسطى، نيجيريا، دولة جنوب السودان، الكونغو الديمقراطية وليبيا وغيرها.
ايبولا للأسف الشديد لا يمثّل وجع إفريقيا الوحيد، لأن أوجاعها كثيرة وعميقة، بدءا بتأخر- حتى لا نقول - بغياب التنمية الاقتصادية والبشرية  فيها، واستشراء الفساد في عدد من الأنظمة، وغياب أو ضعف مؤسسات  الدولة  في بعض البلدان، وما يزيد من  تفاقم الأزمة نمط تعامل الدول الكبرى مع إفريقيا، حيث اختزلتها في كونها مجرد مصدر للموارد الطبيعية الهائلة التي تزخر بها أراضيها، وسوقا رائجة لمنتجاتها وسلعها وفي مقدمتها  السلاح، لهذا نشهد  تكالبا وتنافسا أمريكيا وآسيويا وأوروبيا على السمراء لاستنزاف مواردها دون اهتمام حقيقي بمساعدة دولها وشعوبها على تحقيق التنمية، أو على الأقل إنشاء مؤسسات استشفائية  تعالج فيها أسقامها.
الغرب بكل تأكيد يتحمّل مسؤولية الكثير مما تعانيه إفريقيا، ولا أحد يمكنه أن ينفي دوره في تغذية الصراعات والحروب المزمنة فيها والتي يجعلها غطاءً لتدخّله المباشر ويستغلها لنهب خيراتها، لكن من قصر النظر أن نجرّد القارة السمراء من المسؤولية ، لأنها الجاني الأول على نفسها، فبعد نصف قرن من استقلال جلّ بلدانها لازالت   تحت هيمنة الغرب ولم  تقو على التحرّر من الحبل السري ّ المرتبطة به، كما عجزت عن وضع قطار التنمية على السكة وأخفقت في تحقيق الاستقرار السياسي والأمني وتدعيم نظم الحكم الرشيد وتوجيه الموارد صوب التعليم و الصحة، باختصار عجزت عن تحقيق تطلعات شعوبها لتبقى عيون هذه الشعوب مصوّبة  في اتجاه الشمال وأرواحهم معلقة بركوب مخاطر البحر للفرار من واقعهم التعيس .
جرس الإنذار يدق، وعلى إفريقيا أن تنهض بسرعة وتستعيد زمام المبادرة  لتصحّح المسارات الخاطئة وتطلق مبادرات التنمية الحقيقية البعيدة عن كل أشكال الفساد وقبل ذلك وبعده عليها الانعتاق من هيمنة واستغلال الغرب الذي يبني سعادته ورقيّه على مآسي الآخرين وخيراتهم.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19621

العدد 19621

الأربعاء 13 نوفمبر 2024
العدد 19619

العدد 19619

الثلاثاء 12 نوفمبر 2024
العدد 19618

العدد 19618

الإثنين 11 نوفمبر 2024
العدد 19618

العدد 19618

الأحد 10 نوفمبر 2024