إفريقيا .. ميثاق دفاع مشترك ضد الإرهاب

أمين بلعمري
01 سبتمبر 2014

لا شك أن الإرهاب أصبح أكبر تحد يواجه إفريقيا و يرهن المجهودات التنموية في هذه القارة التي تعرف هجمة إرهابية غير مسبوقة و تهديدات أمنية متصاعدة ، وضعت القادة الأفارقة أمام مسؤولياتهم القارية التي أصبحت تحتم عليهم التفكير في صيغ و استراتيجيات مشتركة تمكنهم من التعامل مع هذا السرطان الخبيث ، الشيء الذي خلق كما يبدو موجة وعي مشتركة و إدراك أصبح يتقاسمه الجميع  للتهديدات التي تواجه إفريقيا كقارة و ليس كل دولة على حدا و التجربة أثبتت أن الإرهاب أصبح معضلة دولية و قارية و ليست حكرا على دولة  دون غيرها أو منطقة دون أخرى.
  إن هذا الوعي القاري أثمر في شكل قفزة نوعية عكستها قمة مجلس الأمن و السلم التابع  للاتحاد الإفريقي، التي احتضنتها العاصمة الكينية نيروبي  و توجّه جديد في مواجهة الإرهاب عبر كل القارة الإفريقية من خلال تبني ما يمكن أن نطلق عليه  ميثاق دفاع مشترك ضد الإرهاب فمن الآن فصاعدا سيعتبر أي اعتداء إرهابي على أي بلد إفريقي بمثابة إعلان حرب على كل دول القارة و هذه سابقة لم تعرف إفريقيا مثلها جاءت بهذا الحزم و الشدّة في مواجهة الإرهاب الذي كان ينظر إليه من قبل على أنه ظاهرة داخلية تخص كل دولة على حدا في حين أن الجماعات الإرهابية المتحالفة مع شبكات تهريب الأسلحة و المخدرات كانت تعمل دائما بشكل متضامن و موحّد عبر كل الأراضي الإفريقية.
هذا و من شأن هذه الخطوة المهمة أن تؤدي إلى انخراط إفريقي تام  في مكافحة الإرهاب عبر القارة الإفريقية كالتزام قاري تتحمّل فيه كل دولة نصيبها من المسؤولية في مواجهة الإرهاب دون هوادة و العمل الجماعي على تجفيف المنابع التي تغذيه سواء على الصعيد الفكري أو المالي أين يشكّل تجريم دفع  الفدية تحت أي طائل كان حجر زاوية في الكفاح الشامل و المتكامل للإرهاب لأن الموارد المالية هي العصب الحيوي للآلة الإرهابية و خنقها ماليا سيقلّل من فعاليتها و نشاطها من خلال ضرب ثلاثة عوامل أساسية : اقتناء الأسلحة التي تحتاج إلى أموال طائلة، التجنيد الذي يحتاج بدوره إلى المال من خلال إغراء أولئك المجندين أو لشراء عناصر مرتزقة أو حتى شراء ذمم و ولاءات ذوي النفوس الضعيفة داخل مؤسسات الدولة، بل و حتى داخل الأجهزة المكلفة مباشرة بمكافحة الإرهاب نفسها و هنا تتبين مدى خطورة دفع الفدية و أثرها المباشر في انتعاش الظاهرة و استمرارها و الدخول في حلقة مفرغة و متناقضة فبيد نكافح الإرهاب و باليد الأخرى نعطيه الفرصة ليعود من جديد و يستمر في الاختطافات والمساومات ...الخ.
إن معركة  إفريقيا ضد الإرهاب تحتاج إلى نوايا مخلصة و إلى التزام الجميع بالعمل المشترك ضمن استراتيجيات واضحة تحدّد المسؤوليات و الأعباء التي تقع على كل دولة  في مسار مكافحة الظاهرة فمن غير المعقول أن تتحمل بعض الدول الثقل وحدها في حين تتملص أخرى من تحمل أدنى مسؤولية، بل أكثر من ذلك تستغل الجماعات الإرهابية و توظفها لخدمة مآرب سياسية ضيقة.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024