ما بني على باطل فهو باطل، الكلام ينطبق على قرار رئيس الوزراء الاسباني بيدرو سانشيز الذي مازال يلقى الرفض والاستنكار من طرف الإسبان أنفسهم، فبعد أن صادق البرلمان الاسباني في بداية الشهر على اقتراح تقدمت به ثلاث كتل برلمانية تنتقد فيه المنعطف أحادي الجانب وغير القانوني الذي اتخذه سانشيز بشأن النزاع في الصحراء الغربية، صادق مجلس الشيوخ الاسباني نهاية الأسبوع على لائحة ترفض التغيير الجذري والمفاجئ لموقف الحكومة الاسبانية بشأن قضية الصحراء الغربية، وتدعم قرارات الأمم المتحدة وبعثتها لتنظيم استفتاء تقرير المصير في الصحراء الغربية (مينورسو)، وتشدّد على أنّ الحوار والتفاوض هو الطريق الأسلم والأكيد للوصول إلى حلّ سياسي عادل ودائم ومقبول لطرفي النزاع في الصحراء الغربية» (المغرب وجبهة البوليساريو).
كما انتفضت عدّة أوساط حزبية وشعبية إسبانية ضدّ انقلاب الحكومة على الشرعية الدولية وسقوطها في الفخ الذي نصبه المغرب لترسيخ احتلاله للإقليم الصحراوي الذي تقر الأمم المتحدة بأنّه يمثل واحدا من الأقاليم المعنية بتصفية الاستعمار في العالم.
لا شك أنّ قرار سانشيز باطل لأنّه يمنع حقّ استفتاء تقرير المصير عن الصحراويين ويدعم حلا أحاديا فصّله المغرب المحتل على مقاسه، وبالرغم من الصّدمة التي أحدثها هذا القرار، يمكن اعتباره لا حدث تماما مثل إعلان ترامب الذي انحاز للاحتلال المغربي، فموافقة رئيس الحكومة الاسبانية على مؤامرة الحكم الذاتي وقبله الاعتراف المزعوم للرئيس الأمريكي السابق، هي بالأساس مواقف شاذة لا تعني إلا أصحابها، ولن تغير شيئا من طبيعة النزاع الصحراوي المغربي الذي تتولى الأمم المتحدة حله بعيدا عن المساومات والصفقات والابتزاز.
في الواقع من السذاجة الاعتقاد بأنّ تسوية قضايا الاستعمار والنزاعات تتم بقرارات أحادية يفرضها طرف على طرف آخر، أو بصفقات تعقد في جنح الظلام، إذ لا يمكن أبدا أن يركب الباطل الحق أو يدوس عليه، بل على العكس تماما، لهذا ليس من حق سانشيز أو ترامب أو غيرهما منح الصحراء الغربية للاحتلال المغربي، والحجر على الشعب الصحراوي الذي هو المخول الوحيد لتقرير مصيره وتحديد مستقبله الذي لا يمكن أن يكون غير الاستقلال.
وتبقى الحقيقة الثابتة، مهما تعدّدت المكائد وكبر حجمها، فلن يضيع حق وراءه مطالب.