حقّقت الرواية الجزائرية على الصعيد العربي إنجازات لا بأس بها، وقد حصدت جوائز معتبرة من «البوكر» إلى «كاتارا» مرورا بـ «جائزة نجيب محفوظ» وجوائز أخرى كبيرة، ومع ذلك ما تزال ساحة الإنتاج الفني، السينمائي والتلفزيوني، تراوح مكانها، ولم تتمكن من التعبير فعلا عن المنجز الجزائري، والفتوح الكبرى الذي حقّقها، حيث ما تزال معظم الأعمال الدّرامية مثلا، تكتب سيناريوهاتها مباشرة، دون أن تجد حاجة في الاقتباس من الأعمال السّردية المرموقة، ولا حتى الإفادة من التراث الجزائري الزاخر.
ولعلّنا لا نغالي إذا قلنا إن معظم الأعمال الفنيّة التي استندت إلى أعمال كتّاب كبار، تمكنت جميعها من فرض نفسها على المستوى الاجتماعي، وحققت النّجاح الذي ينبغي لها، لأنها أعمال مدروسة، وتحتكم على رسائل سامية تجد القبول في أوساط المتلقين، بحكم أنّها صياغة من أدباء برهنوا على عبقريتهم في مادة السّرد، ولا نظن أنه يمكن تجاوز مسرحية مثل «الشهداء يعودون هذا الأسبوع» وفيها عبق من الطاهر وطار، ولا نسيان «العصا والعفيون» وهي عصارة من فكر مولود معمري، وأعمال أخرى كثيرة صاغها كتاب مشهود لهم في عوالم الكتابة، وبيننا اليوم أسماء روائيين كبار من أمثال واسيني الأعرج، ومحمد بورحلة، وعبد الوهاب عيساوي، وسمير قسيمي وآخرين كثيرين يمكن أن تكون أعمالهم الرّوائية إضافات هامة إلى خزانة السينما الجزائرية، أو تكون دافعا هامّا للأعمال الدّرامية التلفزيونية التي ما تزال متوقفة عند حدود سيناريوهات الورشات، فلا تؤدي وظيفتها بطريقة جيّدة.
ونعتقد أن المنجز الروائي الجزائري قادر على الإقناع، بل إنّه قادر على المنافسة على المستوى العربي على الأقل، ورسالته الإنسانية تستطيع أن تحوّل واقع الفنّ، وتجعل منه صناعة حقيقية تكون لها ثمراتها على جميع المستويات، فالعمل في مضمار الفنّ يقتضي تظافر جهود الجميع..