عندما وقف الرّئيس الراحل هواري بومدين في الأمم المتحدة، وهو رجل عصامي من كتلة عدم الانحياز، يطالب العالم بنظام جديد أكثر إنصافا وعدالة، وقف العالم يصفّق مشدوها بدون أن يحرّك ساكنا، في حين كانت القبضة المالية الغربية والسياسية والعسكرية، فضلا عن العلمية والصناعية والتكنولوجية مهيمنة، ولا تزال كذلك مع فوارق ضئيلة يأمل الكارهون لعدم عدالتها أن تسقط عاجلا غير آجل.
وبينما العالم الغربي يهرع ويقيم الدنيا ولا يقعدها على قضية تمثل منظوره في ازدواجية فجّة في المعايير، كان ولا يزال يدير ظهره للقضايا العادلة التي تخص دول العالم الثالث والعربي والإسلامي خصوصا، ويحق الباطل ويبطل الحق في قضايا عادلة يعرف القاصي والداني عدالتها، فهل يمكن مثلا أن يصبح إمداد المقاومة الفلسطينية بالسلاح علنا مثلما يحدث في كييف عملا إرهابيا لكل من يتجرّأ ويقوم بذلك، بل من يملك أصلا من الدول الغربية شرف إدانة القصف الإجرامي والأعمال الإرهابية ضد مواطنين عزل في مختلف العمليات العسكرية التي قام فيها الكيان الصهيوني بدك عمران وأرواح الأبرياء في قطاع غزة المحاصر.
بلا شك، نحن نقف اليوم أمام تحوّل مهم تحاول فيه القوى العالمية محاصرة دولة إستراتيجية في العلاقات الدولية، كان لها ولا يزال وزن في معايير القوة والنفوذ في العالم، ولأن التاريخ يعود بسلطة الحاضر فقط عاد اللعب على الحبلين مجددا،والسعي لتضييق الخناق وكسر أي توجه نحو الحلول العادلة في الحفاظ على المجال الحيوي المباشر للدول، وهو ما تجابهه الجزائر على مستوى حدودها الغربية بينما يمضي البعض في غيهم الوظيفي.
لقد تجلى بوضوح أنّنا مقدمون على عهد جديد يجب أن نضع فيه ثقلنا لتقوية مراكزنا الإستراتيجية أمام الشرق والغرب، ومراجعة أدبياتنا السياسية وتعظيم قدراتنا الفعلية بأقل كلفة في الدفاع والأمن، وتعظيم القدرات الداخلية المحلية من أمن غذائي وصناعي وغيرها.