تندرج اتفاقية التعاون القضائي وتسليم المجرمين المطلوبين لجلبهم إلى العدالة في صلب تأسيس جدار التصدي للفساد وحماية مقدرات الشعوب التي تتعاظم حاجتها لموارد الأمة لإنجاز أهداف التنمية.
انطلاقا من هذه الخطوة يرتقّب بلا شك إحضار عدد من رؤوس الفساد زجّت بالبلاد في فترة سابقة في متاهات أوصلتها إلى حافة انهيار محقق، بعد أن انغمست في عمليات تصنّف في خانة الجريمة البشعة، فعبثت بخيرات البلاد ونهبت أملاك الشعب وهرّبت إلى الخارج ثروات هي ذخر للأمة في مواجهة مصاعب الزمن وحماية السيادة المالية مع عولمة يشكل فيها المال الورقة الحاسمة.
تبقى مكافحة الفساد أحد أبرز التحديات لتأسيس مسار الشفافية وسلطة القانون، وقد تحققت عدة مكاسب على هذا النحو في انتظار أخرى موازاة مع إرساء أرضية متكاملة لأخلقة الحياة العامة على كافة مستويات إدارة الشأن العام ترتكز على أدوار تتكفل بها من الأساس المدرسة والإعلام والثقافة وأيضا إحياء منظومة القيم لدى الفرد بما فيها التي ترمز إليها التعاليم الدينية.
إنّ فاتورة الفساد كلفت الكثير وغذّت الإحباط لسنوات سوف تصبح من الماضي بفضل تفعيل مكافحة الظاهرة كخيار أكبر من كونه حملة، وذلك ضمن إطار معايير قانونية تعيد الأمور إلى نصابها بما في ذلك تتبّع الثروات المنهوبة والسعي لاستردادها ممّن اختلسها.
بالتأكيد أنّ هذا المسار الذي يتطلب طول النفس والمرافقة بكافة الأدوات التشريعية والتنظيمية يثير انزعاج وقلق أكثر من طرف محليا وفي الخارج ممّن تعوّدوا على اعتبار الجزائر بمثابة بقرة حلوب ويتكالبون لمّا تقف صلبة لا تهادن ولا تقايض في مسائل جوهرية، على غرار حماية الاقتصاد ومنع التلاعب بالموارد والصفقات في الساحة الاستثمارية.
وبخصوص الاستثمار بالذات، فإنّ تشريعا جديدا يرتقب صدوره يحدّد المعالم ويوضح الضوابط بما يضع المستثمر الجاد في مأمن من أيّ خطر محتمل على رأسماله ومشاريعه وفقا لما أكده الرئيس تبون في زيارته إلى قطر والكويت، موجّها رسالة إلى المتعاملين العرب للقدوم إلى السوق الجزائرية حيث المناخ جذاب ويضمن النجاح.