يعيش العالم منذ أسابيع ، على وقع الأزمة الأوكرانية التي انعكست على الوضع الجيواستراتيجي العالمي، مؤثرة مباشرة على أسواق الغاز والنفط والأغذية خاصة منتوج القمح، وفوق ذلك رفعت من سقف التخوفات بتأثير مما يسوقه الإعلام الغربي من موقف تعمق من الازمة، إلا أن المساعي الدبلوماسية بقيت سيدة الموقف بهدف الوصول إلى نقطة تقاطع يحل فيها الخلاف ويختفي معها التوتر، وبالتالي الجنوح إلى التهدئة في منطقة البحر الأسود، لأن الرابح في بؤر التوتر، يكون خاسرا بعد فتح فصل جديد من المعاناة البشرية التي مازالت جراحها مع ضحايا الوباء الذين سقطوا بسبب شراسة الفيروس ولم تندمل بعد.
تخرج موسكو في كل مرة لتفند ما وصفته بالادعاءات المغرضة التي يروجها الغرب في حقها، وتقول أن التضليل بحقها متعمد و من دون الاستناد إلى أدلة، فقط كونها تطالب بضمانات أمنية تسقط شكوكها وتمنحها كل الثقة، لكن التصعيد الجاري بالاستناد إلى عوامل افتراضية، من شأنه أن يشحن الوضع والعلاقات الدولية أكثر فأكثر خاصة إذا طال عمر هذه الأزمة المفاجئة التي لم يكن العالم تطوراتها الخطيرة قبل تخلصه من قيود كورونا الإجبارية، ويرشح أن يتسبب هذا التوتر في تسجيل آثار متعددة على عدة أصعدة خاصة الاقتصادية التي ستواجه التهابا في أسعار الوقود والطاقة وتؤخر من حلول التضخم، الشبح الذي مازال يطارد اقتصاديات الدول ويكبح جهود الدورة الاقتصادية العالمية المتسارعة لتعويض خسائر السنتين الماضيتين.
وتزداد الضغوط على مدى نجاعة السياسات المنتهجة لمكافحة الوباء وسط ترقب شديد لما يحدث بالمنطقة الشرقية للقارة العجوز، مع تصعيد يشوبه الكثير من الغموض، وفي نفس الوقت يثير العديد من التساؤلات.. من يقف وراء هذا التوتر ولمصلحة من أن تنحرف الأوضاع نحو السيناريو الأسوأ؟.. وفيما يبدو مازال من المبكر الحديث عن مخاوف حقيقية لأن حتى الأطراف المعنية تنفي ما يروج حول التصعيد العسكري المرشح أن ينتهي قريبا بصدام حتمي،و تصفه بالكذب والمضلل بعد أن نسج سيناريو من وحي الخيال وتصور أن شرا كبيرا سيحدث.