يصعب في الوقت المتبقي من عمر مفاوضات فيينا حول الملف النّووي الإيراني التوقع بشكل وطبيعة الاتفاق الجديد الذي انسحبت منه واشنطن بقرار من رئيسها السابق دونالد ترامب عام 2015، وفي هذا المقام تثار عدة أسئلة، ماذا سيقدم لطهران وللمنطقة بأسرها؟ وهل تنجح الدول الغربية الى جانب روسيا التي تلعب دور الوسيط بين الطرفين المتفاوضين في إسقاط الخصومة وحلحلة الخلافات المتراكمة منذ سنوات؟
لا أحد يمكنه تصوّر بشكل مسبق طبيعة الترتيبات الفارقة التي ستنجح في غلق هذا الملف المنتظر أن يتم الحسم فيه نهاية شهر فيفري الجاري كأقصى تقدير، حيث من المنتظر أن تقود الجهود الحالية من مختلف الأطراف إلى رفع العقوبات القاسية والمنهكة لطهران، وبالرغم من الحديث عن الاقتراب من النهاية إلا أن لا شيء تسرّب حول آليات تنفيذ الاتفاق إذا رأى النور في وقت يواجه الرئيس الأمريكي جو بايدن وابلا من الانتقادات والاتهامات من طرف خصومه الجمهوريّين الذي توعّدوا بإسقاط ما وصفوه بالاتّفاق السيء، فهل يعني هذا أنّ بايدن يحضّر لمفاجأة في قلب هذا الاتفاق أم سيكون بشكل عام يهدف من خلاله تقييد تطوّر خطوات إيران في مشروعها النووي، ومحاولة ثنيها عن مواصلة جهودها في هذا المسار، مقابل رفع عقوبات اقتصادية تسمح لها بتصدير مواردها خاصة النفطية، وبالتالي التخفيف من الأزمة التي تعصف باقتصادها الوطني، وهذا ما لا يكلف أمريكا أي تنازلات ذات وزن وتأثير.
التّوصّل إلى الاتفاق المنتظر من محادثات فيينا ضروري ليس لأمريكا وإيران لوحدهما بل لحلفاء الطرفين، وكذا لصالح بلدان المنطقة، لأنّ تخفيض منسوب التوتر من شأنه أن يفتح صفحة جديدة من العلاقات والتحالفات التي بدون شك سيتم إعادة ترتيبها وفق مصالح كل طرف، وفوق ذلك سيمنح المنطقة الكثير من الاستقرار تختفي معها التهديدات والتصعيد وبؤر التوتر، حيث يتّجه الجميع حينها نحو التنمية والتعاون.
تمسّك إيراني بمطالب محدّدة واستعجال أمريكي للبت في الملف بصورة نهائية، وتفاؤل أوروبي بالوصول إلى تتويج يرضي جميع الأطراف كلها تبقى الواجهة التي تمّ تسويقها إعلاميا لمسار دبلوماسي طويل ومعقّد يصعب أن يتوقّع متى ينتهي، وهل فعلا سيتحقّق أم لا؟
