كلام آخر

شهداء المستقبل

فتيحة كلواز
08 أوث 2021

في كل مرة ينضّم فيها شهداء جدد إلى قوافل الخالدين التي قدمتها الجزائر على مرّ التاريخ للوقوف أمام كل من تسوِّل له نفسه استباحة أرضها، نقتنع بأنها أرض طاهرة لأن ترابها المسقي بدماء زكية لن يكون أبدا منبتا للخونة.
اليوم وكما كانت بالأمس، تعيش الجزائر تحديات متعددة الأذرع، تحتاج إلى تكتل جمعي وتضافر جهود جميع أبنائها، كل في مكانه، من أجل المحافظة على ما تحقق حتى نخطو نحو المستقبل بعزيمة وثبات، تتقوى مع كل قطرة دم تنزل على الأرض لتحييها، فإن كانت مياه الأمطار تحيي الأرض والزرع، فإن دماء الشهداء تحيي النفوس والأمل داخل كل واحد منا.
حقيقة أنهم ذهبوا بلا رجعة وأن آباءهم وأمهاتهم يبكونهم دما، لكنهم أيضا فخر للكل لأنهم ممن قال الله تعالى فيهم «أحياء يرزقون»، فهم الأحياء في تاريخنا، وأحياء لأنهم «جرعة» يتقوى بها الضعيف وينهض بها المتخاذل، بل هم الذاكرة الحية للأجيال القادمة، لأنهم ذخر الوطن وهِبَته الثمينة للمستقبل.
هم شهداء الواجب أو الوطن، لكنهم بالإضافة إلى ذلك هم شهداء المستقبل، لأنهم من يُؤمِّنون رحلة الغد التي يصنعها الحاضر بكل تفاصيله والماضي بكل صفحاته المشرقة من فصل الجزائر الأبية من تاريخ الإنسانية، فذاكرة الشعوب تصنع مجدها وفخرها وسر قوتها للاستمرار، بعيدا عن الهوة التاريخية التي تباد فيها شعوب لتصنع أخرى حاضرها ومستقبلها.
هو بالضبط ما يحاول البعض القيام به، من خلال تشويه الشهداء وصانعي تاريخ الجزائر القديم، الحديث والمعاصر، فطمس الحقائق التاريخية يدخل الشعوب في فتـن صعبة قد تنتهي بزوالها، لذلك كان الشهداء دائما بمثابة «نقطة نظام» يستعيد فيها المجتمع الجزائري ذاكرته وتاريخه ليعود إلى حاضره متشبعا بالوطنية الإيجابية من أجل المضي بكل سلاسة نحو المستقبل قريبا كان أو بعيدا.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19522

العدد 19522

السبت 20 جويلية 2024
العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024