حال الدنيا

قلة أدب!

م. كاديك
08 أوث 2021

من أعاجيب ما ابتلينا به فيما يعرف بـ»حضارة الاتصال»، أنّ مهنة «الصّحافة» التحقت بمجموع المهن التي صار يمارسها الجميع دون حدّ ولا ضابط، ولا تكوين ولا معرفة، ولا حتى مجرّد اطّلاع على مناهج العمل وأساليبه. ولقد صار الواحد من النّاس يتحوّل إلى «صحافي» جهبذ، وإعلامي (سميدع)، بمجرّد نسخ خبر ولصقه على جدار «الفسبكة» أو «التوترة»، أما إذا عرف كيف «يفبرك» الأكذوبة (الحصيفة) والتّعمية (النّظيفة)، فإنّه سيتحوّل إلى (بعبع إعلامي) رفيع الشأن، عظيم المقام، ثم يصبر إلى أن يجلس قبالة الكاميرا، ليتحوّل إلى (دلتا بلاس) بعد أن تتراكم في جثّته كل المعارف والفنون، ويمتهن التحليل والتأويل، ويمارس (عمق النّظر)، و(يفهم)، ويربط الوقائع بالدّوافع، هكذا دفعة واحدة دون أن يمرّ بمتوسطة تصقله، ولا ثانوية تهذّبه..
ولقد سبق دهاة الدارسين في العالم، من أمثال أمبيرتو إيكو، إلى استشراف حال «الحمق» التي ستنتجها «حضارة التّواصل»، بل لقد حاول مايك جادج أن يصوّر تفاصليها فعلا في قطعة فنيّة من الكوميديا السّوداء، فصوّر ما لا يخطر على قلب بشر من «الحمق المنتظر» الذي قد يتحوّل إلى واقع معيش في زمن قياسي، إذا تواصل ارتكاب المهن دون علم ولا معرفة، وامتهان الكسل دون وازع ولا ضمير.. ولن نلبث حتى نسقي النباتات بـ»حمود بوعلام»..
إنّ حال الفوضى التي تعرفها مواقع التّواصل الاجتماعي، تؤثر تأثيرا مباشرا على الحياة العامة، ويكفينا منها حالة الرّعب التي فرضها «الفسابكة»، في الأيام الأخيرة، وهم يروّجون لـ «الموت» عوضا عن الاحتفاء بـ «الحياة»، فتلاعبوا بالأخبار دون وازع ولا رادع، وبثوا المغالطات دون وجه حق، وألحقوا أضرارا نفسية بالغة، لا نشكّ مطلقا بأنها أسهمت إسهاما مباشرا في كثير من الوفيّات، فهل تتدخّل الجهات الوصيّة لأجل حماية الناس من «حضارة التواصل»؟!

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19522

العدد 19522

السبت 20 جويلية 2024
العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024