الوجه الآخر

غدا يوم عيد

فتيحة كلواز
18 جويلية 2021

كنا نظنّ أنفسنا بعيدين كل البعد عن تجربة قاسية نعيش فيها الحجر المنزلي والعزل الاجتماعي بسبب وباء أقسم ألا يغادرنا، حتى نتجّرع جميعا مرارة الألم، الحزن والخوف من مجهول غالبا ما يكون الموت أقسى تنبؤاتنا، هي تجربة إنسانية يكون فيها القلب آلة حاسبة تتجرّد من مشاعرها ونبضات روحها، لتتحوّل في ثوان إلى عملية حسابية مضبوطة لتفادي الأسوأ.
أعطى كوفيد-19 عيد الأضحى بعدا جديدا لم نكن لنتعرّف عليه قبلا لأنه يتعارض ظاهريا مع معاني التراحم والتزاور والتضامن في المجتمع المسلم، لكنه في الحقيقة هي معاني تكرّس العزل والحجر كبعد جديد لتراص بنيان المجتمع وتداعي جميع أعضائه لنجدة ومساعدة المشتكي منه.
ربما يتساءل البعض عن فرحة تلاشت تفاصيلها بسبب ما تعرفه العائلات من إصابات بالجملة داخلها، لكنه يتناسى إن غدا يوم عيد تعظم فيه شعائر الله تعالى بالتكبير والتهليل، وإظهار السرور في أيام التشريق حتى وإن كان أغلبنا يمسح دمعا بسبب عزيز غيبه الوباء عن أحبته، في معادلة إنسانية تستمد منطقها من شعور الرضى بقضاء الله وقدره، فلن تكفي الكلمات لتمسح دمعة عن خد أم فقدت ابنا أو زوجا أو أخا أو عزيزا كانت تعتقد أنه بعيدا كل البعد عن دائرة العدوى.
يحل غدا عيد الأضحى ونحن نعيش مفارقة الحزن والفرح بيوم الله تعالى فلا شيء باق على حاله، لكننا سنتعلّم هذه السنة طريقة الجمع بين سرور العيد ووجع الفراق والمرض، حتى يكون الصبر والرضى طريقة أخرى لإظهار الجلدة و»الغلظة» في تجاوز الصعاب، حتى تكون مناعتنا «الدينية» سببا مهما ومباشرا في تقوية مناعتنا «الجسدية».
سيكون عيد الأضحى غدا، أول خطوة في طريق العودة إلى الله تعالى بعيدا عن النفاق والكراهية فوالله ما وجدت في هذه الدنيا أقرب من الموت للإنسان، لذلك سيكون إظهار الفرح والسرور طريقة أخرى لكسر جبروت وباء يكتب فيروسه تاريخا جديدا للبشر.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19522

العدد 19522

السبت 20 جويلية 2024
العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024