اللّيبيون لا يحتاجون إلى حلول سحرية أو إجراءات مستحيلة، من أجل طيّ صفحة الدمار والموت والانفلات الأمني الذي حوّل بلدهم إلى مسرح لصراع تحركه مؤامرات وأطماع قوى خارجية، غير أن خيار تحليهم بالحنكة والحكمة وبعد النظر وتغليب مصالح وطنهم وشعبهم وجعلها فوق كل اعتبار، وحده من يقف ضد التيار المعاكس في هذا الوقت الحساس والحاسم، ومن الأفضل تبني المسار الطبيعي الذي ينهي مخلفات وأسباب الأزمة بشكل يسمح للشعب الليبي بإعادة بناء مؤسساته الدستورية وإعمار بلاده واستغلال ثرواته في نهضة ورفاهية لأبناء بلد يحتل موقعا استراتجيا في القارة السمراء وحتى لا يستنزف الغير ثرواتهم.
تخوّف كبير من تضييع مزيد من الوقت من دون إنهاء تواجد المرتزقة الذين وضعوا ليبيا على فوهة بركان، وتخوف من أن يطول عمر غياب الاستقرار الأمني العامل الوحيد الذي يسرّع من إذابة جليد النفور ومحو الخلافات وتقريب وجهات نظر جميع الأطراف الليبية، وينبغي على الوطنيين الليبيين أن يتّحدوا، ليجهضوا الأطماع التي ترى في ليبيا فريسة وصيد، وعليهم أن ينتبهوا إلى النوايا السيئة التي تحاصرهم بسياج من نار، حيث لن يهدأ بال قوى الشر ولن تتوقف عن تعطيل جهود إرساء المصالحة الحقيقية مهما كلفها الثمن، لذا لن يكون الحل النهائي إلا من طرف أبناء ليبيا، وبمساعدة الاتحاد الإفريقي وبفضل الأصوات النزيهة لدول ترى أن أمنها و استقرارها من استقرار ليبيا.
لا أحد يعلم متى وكيف يتم تطهير ليبيا من المرتزقة، وهذا ما يجعل الخوف قائما والتوجس مشروعا، خاصة أن مؤتمر “برلين 2” لم يحدد موعدا ولم يتحدث عن مهلة قصوى تجعل من رحيلهم العاجل قريبا وإجباريا وحتميا، ورغم ذلك يتجلى أنه لم يبق الكثير على الانتخابات حيث يعتبر نجاحها تحديا مفصليا من شأنه أن يضع حدا للأصوات التي تغرد خارج مصلحة الشعب الليبي وتقف في صف مصالحها الشخصية الضيقة وغير البريئة، وبالتالي ستسقط تلك المخططات في حالة الوعي والتصميم الليبي مع ضرورة جعل الوطن فوق صوت الأطماع وإنهاء عشرية مؤلمة من العنف والقصف والموت.