قبل بداية التعددية السياسية والإعلامية، كانت التسلية على قلتها، تستقطب جمهورا واسعا من الناس الذين يحرصون على المشاركة بالهاتف، ليس طمعا في الإجابة عن الأسئلة ونيل الجائزة المالية المغرية، بقدر حرصهم على المشاركة في حدّ ذاتها، وكثيرا ما تختتم المكالمة بالعبارة الشهيرة «المهم المشاركة».
إنه المنطق الذي يحكم مشاركة كثير من النوادي والمنتخبات الرياضية في مختلف المنافسات الرياضية التي عادة ما نعود منها بـ»خفّي حنين»، كما يقول المثل العربي القديم، وإلا كيف نفسّر المشاركات المتكرّرة لمنتخب كرة اليد في نهائيات كأس العالم، وفي كل مرة نحاول تجنّب المرتبة الأخيرة، ووصل الأمر بالمنتخب الوطني بأن طلب من اللاعبين تجنّب الهزيمة بتلقي أربعين هدفا وهو الرقم الذي يتجاوز المعقول في مثل هذه المنافسات.
ويبدو الأمر منطقيا بسبب نقص المنافسة والتحضير، لكن الأمل الكاذب يعود في كل مرة ببروز بعض المواهب الفردية قبل أن «يظهر العيب»، وساعتها لا يتردّد المسؤولون عن البعثة بالقول إن التحضير كان ناقصا، وهو الأمر الذي لا يتحدثون عنه قبل السفر.
ولا يقتصر الأمر على منتخب كرة اليد، بل يتعداه إلى منتخبات ونوادٍ أخرى في مختلف الرياضات، حيث تحوّلت مثلا المشاركة في «الأولمبياد» امتيازا للبعض وفرصة للسياحة تدوم شهرا كاملا على حساب الخزينة العمومية وفي كل مرّة يظهر من ينقذ شرف المشاركة بالفوز ببعض الميداليات في منافسات فردية تجعل رئيس الوفد يكرر في كل مرّة، أن المشاركة «كانت مشرّفة».
ومع هذا الحال، أصبحت النجاحات الفردية بمثابة حواجز تمنعنا من رؤية الحقائق عارية، مثلما حدث مع المنتخب الوطني لكرة القدم، الذي تحوّل فوزه بكأس إفريقيا للأمم في طبعته الأخيرة، إلى ورقة في يد المسؤولين عن الاتحادية، الذين حاولوا التغطية على فشلهم الكبير في تسيير شؤون الكرة بالقول، إن حصيلتهم كانت إيجابية.