استطاعت الجزائر منذ الاستقلال التأسيس لمنظومة تلقيح فعّالة، مكّنتها من القضاء على الكثير من الأمراض والأوبئة مثل، شلل الأطفال، بوحمرون، الحصبة.. الخ، كما ساهمت اعتبارا من نهاية ستينيات القرن الماضي في تقليص عدد الوفيات بين الأطفال في ظلّ استجابة وإقبال واسعين لحملات التطعيم والتلقيح من قبل الجزائريين، وكانت العملية تتمّ في ظروف من الهدوء والسكينة بعيدا عن المضاربات الإعلامية وعن الحملات الفايسبوكية؟.
أمراض وأوبئة كان قد عفا عليها الزمن، تمكّنت الجزائر من القضاء عليها نهائيا، عادت للظهور مؤخرا بسبب العزوف عن التلقيح تحت تأثير الإشاعات والمضاربات التي يتمّ تداولها في وسائل الإعلام أو في شبكات التواصل الاجتماعي وما أثارته من مخاوف بين الجزائريين مثلما ما حصل من وباء الحصبة العام 2018، مما أدّى إلى ظهوره مجدّدا وسجّلت الجزائر إصابات ناهزت 30 ألف حالة كلّها كانت بسبب عدم أخذ اللقاح؟.
المشهد نفسه يتكرّر اليوم مع لقاح كورونا وبالنظر إلى كون هذه الأخيرة أصبحت جائحة كونية فإن الإشاعات والمضاربات أخذت هي الأخرى بعدا كونيا، حيث اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي العالمية بصور وفيديوهات تروّج لإصابة من أخذوا اللقاح بمضاعفات مميتة مما جعل نسبة العزوف عن اللقاح تزداد بين الناس، بينما يؤكّد الخبراء والمختصون أن «كوفيد- 19» لا يمكن مجابهته إلا بحماية الناس باللقاح في ظل غياب الدواء؟.
إن لجوء بعض المسؤولين السياسيين من رؤساء ورؤساء الحكومات ودول إلى أخذ اللقاح على مرأى ومسمع وسائل الإعلام، الهدف منه طمأنة وتشجيع على أخذ اللقاح، كما أنّه يعكس حجم الدمار الذي خلّفته الإشاعة عبر كل أنحاء العالم وربما من أكثرها طرافة أن اللقاح يحتوي على شرائح ذكية يمكن من خلالها مراقبة الناس ورصد تحركّاتهم وأعجبني في الصدد «فيديو» متداول لشاب من المشرق العربي - كما يبدو- يعلّق على الموضوع ويدحض هذه الإشاعة بتساؤل بسيط وهو ما الفائدة من مراقبة شخص، أطول مسافة يقطعها يوميا من بيته إلى دكان الحي. ولكن يبقى أن هذه الإشاعة، على تفاهتها، صدّقها وتداولها كثيرون بمنتهى السذاجة وانتشرت في مواقع التواصل كالنار في الهشيم؟!.