في وقت تعالج فيه مسألة الذاكرة بين البلدين الجزائر وفرنسا، تسعى بعض الأوساط المتطرفة عبر أدواتها الإعلامية، التشويش على مسار إعادة بناء الثقة، على أساس احترام التاريخ وقول الحقيقة بأن الاستعمار الفرنسي ارتكب خلال فترة احتلال بلادنا جرائم بشعة، وأن الشعب الجزائري تحمّل مسؤوليته بمقاومة الوجود الاستعماري الاستدماري منذ أول يوم، إلى أن توجت كل مراحل المقاومة الشعبية بثورة أول نوفمبر المجيدة التي جسدت المشروع الوطني التحرري عنوانه الوحدة الترابية ورفض حازم لحكاية فصل الصحراء، كما حاول ديغول وأتباعه من جنرالات التعذيب والإبادة.
أسبوعية «لوبوان» سقطت في المحظور، ليس عن جهل، وإنما عن قصد وبنية مبيتة بنشرها مقالا مغرضا وهي تحتاج إلى نقاط على حروف ما تنسجه من مغالطات وأراجيف تستهدف الجزائر محاولة إشفاء غليل بقايا الفكر الاستدماري الذين يطاردهم التاريخ بسجلاته المثقلة بجرائم تحولت إلى عقدة تؤرقهم.
مَن وراء المقال المدسوس ومن نشره يعلمون أن الصحراء ومنها تندوف ميدان الشرف قلب الجزائر، كانت بالأمس ميدانا ملأه الشهداء فروها بدمائهم الطاهرة ولم يسلموا قيد أنملة في ذرة رمل، مهما كانت المبررات والظروف، فلا مساومة ولا ابتزاز لما يتعلق الأمر بالوحدة الترابية ولحمة الشعب.
يعلم أولئك المأجورون أن الشعب الجزائري يناصر ويدعم الشعوب المضطهدة على أساس قناعة ومبادئ ثابتة، تجد بصماتها في تاريخ الدبلوماسية الوطنية، تحتكم إلى الشرعية الدولية التي لا تهتز بفعل مقال مردود على أصحابه أو موقف رئيس بلد كبير أخرجه شعبه من الباب الضيق.
لا يمكن تزييف الجغرافيا أو طمس التاريخ من جهات تنتهج القرصنة الإعلامية في زمن الشفافية ورجوع الذاكرة بكل ما تحمله للأجيال، فلا مجال للعبث بقدر ما الوقت للحقيقة وقبولها مهما كانت مرّة وهو ما يتوجب على المجلة الفرنسية المعنية أن تقتنع به بدل اللهث وراء أوهام أسلافهم الجلادين، بعد أن فضحهم التاريخ أكثر من مرة بما لا يمكن تجاوزه، مهما كانت التغيرات في الزمن. ذلك أن الثابت المستقر هو الذاكرة باعتبارها رصيدا تتوارثه الأجيال ومصدر قوتها في الأزمات.