السموم التي نفثها ترامب مازالت تخلف المزيد من التوتر والاستياء والحذر بأمريكا وفي العالم، والأخطر في كل ذلك أن الرئيس المغادر الذي عرفه الجميع بأنه غريب الاطوار يتلاعب ويخادع تارة وتارة أخرى يحاول أن يكون جديا ليهيمن على المصالح والاموال، عبث بالقوانيين وضرب مبادئ حقوق الانسان في الصميم، وكاد بقصر نظره أن يدخل بلده الديمقراطي المتقدم في دوامة من العنف بسبب حبّه المفرط للسلطة وتساوى بذلك مع بعض الرؤساء في دول العالم الثالث الذين وصلوا إلى الحكم بطرق غير ديمقراطية.
يواجه ترامب مصيرا مجهولا ونهاية لا يحسد عليها، على خلفية وجود إمكانية محاكمته حتى بعد انتهاء عهدته الرئاسية، مع ورود فرضية منعه من الترشح في مناصب فدرالية أو حرمانه من معاش التقاعد، لأن الكونغرس بقيادة غريمته نانسي بيلوسي المصرة على مواصلة ملاحقته، لن يغفر له بسهولة ولن يسكت على كل ما حدث يوم 6 جانفي الماضي، ومن الممكن أن يحضر مفاجأة تقضي على مستقبله وطموحه السياسي نهائيا، حيث صارت عودته إلى البيت الأبيض بعد أربع سنوات مستحيلة بعد تلاشي جميع حظوظه.
«انقلب السحر على الساحر»، ولم تكن القشة التي تعلق بها ترامب عشية مصادقة الكونغرس على الرئيس الفائز جو بايدن وما خلفته من سلوكات همجية مفضوحة لأنصاره، سوى ناتجة عن وهم وغرور وعناد كي لا يعترف بالهزيمة النكراء، لذا يرحل ترامب خاسرا كل شيء، بعد أن خدش الأعراف وعبث بالبرتوكولات ومسّ من مصداقية الديمقراطية الأمريكية، تاركا إرثا من الكراهية في بلده بعد أن استهدف الوحدة والاستقرار، حتى وإن استمر إلى غايات الساعات الأخيرة من نهاية حكمه يصدر القرارات المكثفة في عدة ملفات، لكن كل ذلك لن يمحو ما اقترفه بسبب عدم احترامه للقوانين.
حصد الرئيس المهزوم المنقضية عهدته ما زرع، وكل صفقاته التي أبرمها لم تنفعه وهذا يجدّد التأكيد على أن ما بني على باطل أسسه هش ودون شك سينهار عاجلا أم آجلا، ولعلّ «صفقة القرن « التي أراد أن يعيد بها رسم منطقة الشرق الأوسط وتكون فيها الغلبة والسيطرة للكيان الصهيوني على حساب حقّ الشعب الفلسطيني واحدة من القرارات السوداء التي سيسجل بها التاريخ ظلم وتجبر الرئيس المهزوم، بل الرئيس.. التاجر الذي كان يبيع ويشتري ويساوم في مصير ومستقبل الدول وحجته بناء أمريكا العظيمة التي كاد أن يضعها على فوهة بركان في لحظات طيش وغضب.