ليست «عصبة» سياسية أو طائفة دينية أو حتى جماعة سرية، لكن ما يجمع أفراد هذا «التنظيم» غير المنظم هو استغلال أية فرصة للدوس على القوانين في سبيل الثراء السريع.
إنها طائفة من التجّار الذين استغلوا قبل الآن جائحة كورونا وكوّنوا ثروات طائلة بزيادة عشوائية في أسعار مواد واسعة الاستهلاك رغم أنف القانون، وبحجج واهية وأساليب لا تخفى على أحد، منها صناعة الندرة وبيع مواد مغشوشة.
ولئن كان هؤلاء القوم لا يفرّقون بين شهر وآخر، لكنهم يفضّلون في الغالب ممارسة هوايتهم في هذا الشهر الذي تحوّل من الاحتفال برأس عام جديد إلى كابوس يتجدّد كل سنة، وأصبح رفع أسعار المواد الغذائية أمرا عاديا، بما في ذلك المواد المدعّمة من أموال الخزينة العمومية والتي يربح فيها التاجر هامشه بشكل مسبق.
ويتزامن الأمر في كل مرّة وصدور قانون المالية السنوي في الجريدة الرسمية، والذي تعوّد من خلاله الناس على رفع سعر المحروقات، وهي الحجة «المثالية» لرفع كل الأسعار، بما فيها الخضر والفواكه، بحجة أن نقلها يحتاج إلى وقود والوقود ارتفع سعره ولو بدنانير معدودات.
ولئن كان الخبز وما يزال مادة غذائية مدعمة بملايير الخزينة العمومية، فإن «الجانفيين» الذين تجرّأوا مرات عديدة على رفع سعر الخبزة الواحدة بما يعادل ضعفها، قبل تدخّل السلطات العمومية، فمازالوا يتلاعبون بالقانون، فإذا كان سعر الخبزة الرسمي لا يتجاوز السبعة دنانير ونصف دينار، فمن المستحيل إيجاد مخبزة تبيع بهذا السعر، بحجة تحسين المنتوج؛ مرة بإضافة «السانوج» ومرات أخرى بإضافة مواد أخرى.
ورغم أن قانون المالية الجديد لا يتضمّن أية زيادة في الوقود، إلا أن «الجانفيين» داسوا على القانون مرّة أخرى وأصبحنا نسمع عن زيادات فلكية في الأسعار، في انتظار تدخل سلطات «الضبط الإداري» التي تضمن الصحة العمومية والأمن والسكينة العموميتين.