مع كل صدمة نفطية تترسخ من جديد قناعة أكبر لدى المنتجين والمستثمرين بضرورة إحداث تحول طاقوي جذري وسريع، يُستبدل فيه تدفق الطاقة التقليدية الأحفورية بنظيرتها المتجددة وتكريس ثنائية «الثورة» و»الثروة» الخضراء التي تتناسب مع حاجيات متزايدة لسكان الكرة الأرضية من الطاقة النظيفة.
والجلي أن العالم لا يكتفي بتغيير عادات وأساليب الحياة، بل يسير نحو استبدال أنماط الإنتاج والاستهلاك، بعد أن انتقل في تفكيره، إلى أهمية تأمين أكثر جدية وصلابة لسلامة بنية المحيط والحفاظ على التنوع البيئي.
امتحان مجابهة الهزات الارتدادية لصدمة وباء «كورونا»، جاءت فصولها دسمة تعلم منها العالم الكثير، ما يُرشحه عن قريب، إلى تبني توجه جديد أكثر واقعية وانتصارا للطبيعة التي تمنحه الحياة.
نفس الرؤية يتقاسمها الرئيس الأمريكي الجديد بايدن، مع المدافعين عنها، لأنه مدافع شرس عن الاستثمار في الاقتصاد الأخضر ويقدم الطاقات المتجددة على تدفق الزيوت الصخرية.
كل الأرقام تتوافق مع هذا الطرح، حيث توقعت الوكالة الدولية للطاقة المتجددة «آيرينا» أن الطاقة النظيفة ستحتل 38 بالمائة من الطاقة المستهلكة في المباني، و26 بالمائة في الصناعة و17 بالمائة في النقل.
الجزائر البلد الطاقوي الكبير والغني بالموارد، رسم منذ أزيد من عقد، ورقة الطريق وأعد خطة المستقبل، بهدف الاندماج في أسواق جديدة يحافظ فيها على مكانته وزبائنه، لكن وتيرة انجاز ما سُطر مازالت بطيئة واستثماراته مرجأة، يتخوف أن يطول ذلك لأن التحول قد يسرع موعد انتهاء صلاحية منشآت الطاقة التقليدية، ويحيلها على التقاعد المبكر بفعل الاختراق التكنولوجي وتغير المنظومة الاستهلاكية، قبل تهيئة أرضية الطاقات البديلة التي تبنى بالمشاريع الصغيرة القليلة الكلفة، فليس ضروريا أن نرصد الأغلفة المالية الضخمة لنخوض التحول، وسط أزمة اقتصادية زادت تداعيات فيروس كورونا حدتها.
الحل في الاستثمار العاجل، والحل في اندماج القطاع الخاص ومشاركته بفعالية في إنجاز ما تصبو إليه الجزائر، ولعل مخابر البحث وتحويل التكنولوجيا عبر الشراكات المتينة في هذا المجال، سيُعجل تحقيق القفزة والحلم، في طريق تطوير أنواع جديدة من البطاريات تكون بتكلفة منخفضة وجودة عالية، وغيرها..