كلام آخر

معلبات سوسيو- ثقافية

مرزاق صيادي
10 جانفي 2021

يُحيّرني دائما تركيز تلفزيونات جزائرية خاصة على استنساخ تجارب سمعية بصرية بحذافيرها، وأبعادها النفسية والسوسيو-ثقافية، على شاشاتها وهي طامعة في استقطاب مشاهدين جزائريين بنمذجة تلفزيونية فرنسية أو أمريكية أو بريطانية، وحتى لبنانية باركتها وكالة اتصال باريسية شكلا ومحتوى!
من الغريب جدا ما يحصل، من تركيز على حصص حوّائية تعامل المجتمع من زاوية واحدة، وبعين واحدة، وتتناسل هذه الحصص على الشاشات، بنفس الحجم الذي تتناسل فيه فضاءات موسيقى، بداعي تلبية ما يطلبه جمهور الشباب، من رغبات قد تجد مبررات تجارية سهلة للدفاع عنها.
لكن يكون صعبا في هذا السياق، الحديث عن «دور تلفزيوني»، تثقيفي مثلا، في تكوين عقول والمساهمة في تطوير صورة خاصة عن جزائريين، لهم هوية وتقاليد وعادات وتنوع ثقافي، بحاجة إلى الترويج، حتى ينقلب سحر التأثير السوري والمصري واللبناني، الحاصل، لدى فئات واسعة، ومثله التأثير الفرنسي سمعيا بصريا، في الذين يروجون لمعلبات ثقافية مشرقية الطابع، غربية الطبع... فنُصبح أمام صورة سمعية بصرية، لا يختلف فيها إثنان، من المهنيين، ومن الذين نطلُب رأيهم في الشارع...
استيراد المعلبات الثقافية الجاهزة من حصص فنية وتفاعلية وشبابية، يكرس تبعية ثقافية وفكرية مؤلمة، وتأثيرها على أجيال المستقبل ألعن، متى نجحت في زرع الآخر فينا بسلبياته، ومنظومات سلوكية تعمّق اغترابنا، على طريقة استلاب ثقافي يتكرر، ويُبعدنا عن الخصوصية، التي تشكل أحد أهم معايير تميز المجتمعات والأمم، من الأدب إلى الدين، ومن اللباس إلى الفلاحة، ومن الموسيقى إلى صناعة الرأي العام.
السير في طريق التقليد لن يقود صاحبه إلى أبعد من تكرار تجربة «سبق ورأيناه»، مثلما يقول المثل الفرنسي، الذي يحفظه البعض وأعينهم مركزة بشكل خرافي على شهد الإشهار، الذي يُقدم لمن يقلد، أكثر من الذين يبدعون، وعيونهم ترى أفقا اتصاليا نتمنى حدوثه، ورؤيته بعيون المبدعين، المدافعين عن هوية شعب يحب التميز، ويحب من يذكره بجزائريته...

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19633

العدد 19633

الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
العدد 19632

العدد 19632

الإثنين 25 نوفمبر 2024
العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024
العدد 19630

العدد 19630

السبت 23 نوفمبر 2024