بدأت آمال الشعوب العربية تتلاشى مع تحوّلها إلى آلام مع نهاية 2020، حيث لم تكن الآمال وردية بأن يكون هذا العام انطلاقة لمرحلة جديدة ومختلفة في المنطقة العربية، وإنما كانت في أقصاها تتطلع إلى الإبقاء على الأوضاع القائمة دون فتح حلقة جديدة من تلك التوترات التي اعتادت المنطقة على أن تتصاعد فيها تارة وتهدأ أخرى، لكن الرياح أتت بما لا تشتهي السفن.
في لبنان كانت الآمال كبيرة بتجاوز محنة انفجار مرفأ بيروت الذي أحدث زلزالا على كل الجبهات، بداية من تهدم البنى التحتية إلى تعثر المشهد السياسي، وألقى الحادث المروع بتداعياته على الساحة محدثا زلزالا سياسيا، أظهر حجم الشرخ الحاصل بين أبناء الوطن الواحد، وسقطت حكومات نتيجة الصراعات الأيديولوجية التي تنخر لبنان، ومع استمرار حالة اللا استقرار يبدو المشهد ضبابيا ولا حل يلوّح في الأفق القريب.
أما في ليبيا، فقد حادت البوصلة عن مسار التسوية بإنهاء الأزمة السياسية، قبل نهاية العام الجاري، رغم التفاؤل الكبير الذي طبع المشهد العام بعد توقيع اتفاق تاريخي لوقف إطلاق النار بين طرفي النزاع، لكن سرعان ما فقد الشعب الليبي الثقة في دعاة الحل، نظرا لتشابك المصالح الشخصية على حساب الوطن، لتبقى البلاد رهينة تجاذبات سياسية داخلية وأجنبية تؤكد احتمال عودة لغة السلاح مع بداية العام 2021.
وتزيد معاناة الشعوب العربية جراء موجة التطبيع مع الكيان الصهيوني التي عمّقت معاناة الشعوب نفسيا، جراء ما وصلت إليه الأنظمة من خضوع وذل، وإنكار الحق الفلسطيني في دولة مستقلة عاصمتها القدس الشريف تطبيقا لإعلان الجزائر ثمانينيات القرن الماضي. لكن المصالح الشخصية أصبحت مهيمنة على أغلب الأنظمة في المنطقة العربية.
وفي الصحراء الغربية عادت الحرب بين طرفي النزاع وأحدثت فجوة باتت مفتوحة على السيناريوهات الخطيرة.
أما في العراق، فيستمر التمزق الأمني والسياسي بشقيه في عرقلة عودة الدولة إلى مكانتها، واستمرار الاحتلال. وتتواصل أزمات الشعوب طويلة الأمد في السودان المقسّم وتتواصل معه مساعي الاخضاع للأنظمة الغربية. وكذلك الشأن في اليمن وسوريا لتبقى آمال الشعوب معلّقة إلى أجل غير مسمى.