بينما ينشغل العالم بمواجهة وباء كورونا اللعين، الذي يبدو أنّه مصمّم على البقاء طويلا، حيث سارع بخبث ومكر كبيرين إلى التمثّل في سلالة جديدة لينجو من اللقاحات التي تستهدفه، يستغل الإرهابيون - كعادتهم - هذا الوضع الطارئ لمضاعفة اعتداءاتهم وهجماتهم في مناطق عديدة من القارة الإفريقية، التي باتت تئن تحت وطأة دمويين لا يكترثون لشيء إلا لسفك الدماء وترويع الآمنين وتدمير الدول.
في الواقع لا يكاد يمرّ يوم إلا وتتناقل وسائل الإعلام المختلفة أخبارا عن اعتداءات وهجمات إرهابية ترتكب في هذه الدولة والأخرى ولا تستثني حتى الأطفال الذين يتعرّضون للخطف، إماّ لطلب فدية أو لاستغلالهم جنسيا أو لتجنيدهم في التنظيمات الدموية وتحويلهم إلى انتحاريين يفجّرون أنفسهم في أماكن تعجّ بالناس لقتل أكبر عدد منهم، كما حصل قبل أيام في نيجيريا، حيث خطفت جماعة «بوكو حرام» مئات التلاميذ من إحدى الثانويات، وبعد أياّم قامت فتاة لا يتعدّى سنّها 17 عاما بتفجير نفسها مخلّفة وراءها عددا من الضحايا والمصابين.
إنّ معاناة إفريقيا من الإرهاب تتزايد يوما بعد يوم، خاصة في الساحل الإفريقي الذي أصبح ملاذا آمنا يستقطب مختلف الجماعات والتنظيمات الإرهابية، وكأن هذا الإقليم الوعر تحوّل - كما قال أحدهم- إلى «أرض ميعاد» بالنسبة للدمويين، فحتى «داعش» نقل مركز ثقله من سوريا والعراق إليه، لما يتوفّر عليه من ظروف مهيأة لجذب تجّار الموت، فدوله هشّة أمنيا وحدودها غير مراقبة، كما أنها ضعيفة تعاني الأزمات السياسية والنزاعات العرقية والقبلية وتواجه المصاعب الاقتصادية الجمّة والظروف الاجتماعية السيئة التي يسهل معها استمالة شبابها وتجنيدهم مقابل المال. وقد تحدّثت تقارير أممية عن هروب 30 ألفا من إرهابيي الدولة الإسلامية المزعومة إلى الساحل الإفريقي بعد أداء مهمّتهم التدميرية في بلاد الشام والرافدين. ووفرت الأزمة الليبية والفوضى التي أحدثتها الأرضية الخصبة لتكاثر التنظيمات الإرهابية وتوسّع المساحة التي تسيطر عليها وكلّ هذا في غفلة عن العالم المشغول بمطاردة فيروس كورونا، ما يعني أن معاناة الساحل الافريقي مع الارهاب ستطول، والخطر يتمدّد في كلّ الاتجاهات، والمنطقة كلّها باتت مهدّدة أمام عدوّ حصد ومازال أرواح أعداد تفوق عشرات المرّات ما حصده كورونا الذي يتّحد العالم كلّه لمواجهته، فمتى يدرك هذا العالم ما يعانيه الأفارقة مع الإرهاب ليهبّ إلى نجدتهم؟