في مثل هذا اليوم، من العام 1978، انتقل إلى جوار ربه الرئيس محمد بوخروبة المعروف ثوريا بهواري بومدين؛ لقب حمله رسميا رئيسا للجزائر على مدار 13 سنة من حكم البلاد التي بدأها بما عرف بعملية «تصحيح ثوري» أطاحت بالرئيس الراحل أحمد بن بلة، بينما اعتبر مناوئوه أنها كانت «استيلاء غير دستوري على السلطة».
سواء كان تصحيحا أو انقلابا، استطاع ذلك الشاب الجزائري - الذي حكم الجزائر وعمره لم يتجاوز 33 سنة - الحصول على شرعية من نوع آخر، تمثّلت في الإنجازات والمشاريع، حيث تحوّلت البلاد بعد سنوات قليلة من حكمه إلى ورشة كبيرة وكانت البداية بمحو مخلّفات حقبة استعمار مزرية كان يعيشها الشعب الجزائري، في القرى والمداشر بالخصوص، وكانت البداية بإطلاق مشروع طموح تمثّل في بناء آلاف القرى الفلاحية وتعميم ديمقراطية التعليم والعلاج.
في المجال الصناعي، وضع هواري بومدين - رحمه الله- الأسس الأولى لنسيج صناعي وطني تمثّل في إنشاء مركّبات صناعية وبتروكيماوية ومناطق صناعية، شكّلت اللبنة الأولى لميلاد منتوج وطني جزائري كخيار استراتيجي للبلاد، يمكنّها من التخلّص من التبعية للمستعمِر القديم واستكمال الاستقلال الاقتصادي من خلال تأميم المحروقات وكل الموارد المنجمية.
على الصعيد الدبلوماسي، عرفت الجزائر، خلال حكم بومدين، حركية غير مسبوقة وأسمعت صوتها في المحافل العربية، القارية والدولية.
كما ارتسمت هوية دبلوماسيتنا بوضوح ورسمت لها مبادئ وحدودا أصبح يعرفها الجميع ومن أهمّها دعم الشعوب المضطهدة وحقها في تقرير المصير كالشعبين الفلسطيني والصحراوي واستكمال تصفية الاستعمار، مما جعل الجزائر محجّا لكل حركات التحرّر الوطني وهي التي طالبت في سبعينيات القرن الماضي بنظام اقتصادي عالمي جديد، في الوقت الذي كانت فيه من أقطاب حركة عدم الانحياز.
هذه وقفة استذكار في حق رجل له ما له وعليه ما عليه، كغيره من البشر، اتّهمه البعض بالديكتاتور ووصفه آخرون برجل الدولة الحازم. لكن الذي لا يختلف حوله الجزائريون، أنّه رجل أحّب بلده وخدمها بإخلاص ولم تمتد يده إلى أموال الشعب، لهذا وصف بالرئيس «الذي عاش ما اكسب، مات ما خلّى»، على حد تعبير المثل الشعبي الجزائري.