يبدو أن القمر الصناعي «كابيلا» أسقط المقولة الشهيرة لجحا التي يتداولها الجزائريون بشكل كبير وهي (داري تستر عاري) والتي تقول الروايات الشعبية إن أحدهم طلب من جحا أن يبيعه بيته فرّد عليه برفض قاطع وطلب منه أن يمهله دقائق وينتظره خارج البيت حتى يعود إليه. وعندما دخل إلى بيته، أخذ يرقص ويغنّي حتى سقط أرضا، ثم عاد إلى الرجل وسأله، هل رأيت ماذا كنت أفعل داخل بيتي، فرّد الرجل طبعا لا، فقال جحا لهذا السبب لن أبيعك داري؟
إن هذا القمر الصناعي الجديد المزوّد بكاميرات قادرة على اختراق الجدران والأسطح وتصوير ما بداخلها، سيقضي على ما تبقّى من خصوصية لأناس أصبحت حياتهم الشخصية في خبر كان؟
إن هذا التطوّر التكنولوجي الهائل، لم يحوّل العالم إلى قرية صغيرة فقط – كما كنا نتصوّر- ولكن إلى قوقعة من زجاج شفاف؟
سيدخل هذا الاختراع العالم في عهد غير مسبوق، والأكيد أن الاستعمال العسكري لمثل هذه التكنولوجية، ستدفع جيوش العالم إلى إعادة النظر في كل شيء، لأن المخابئ والأنفاق الأرضية يومها لن يكون لها أي جدوى، بما أنّ هذا القمر الصناعي قادر على اختراق الجدران والحواجز؟
الكثير من الاختراعات التي غيّرت حياة البشر وقلبتها رأسا على عقب، ندم أصحابها على ابتكارها، لأنّها تحوّلت إلى وبال على البشرية والكثير من هذه الاختراعات نسفت الحياة الاجتماعية وفككتها بشكل تدريجي، والأكيد أن المقصود هنا أجهزة «أليفة» تعيش معنا يوميا بداية من التلفزيون، الذي تسبّب في التفكيك التدريجي للأسرة وكرّس الفردانية، وصولا إلى الهاتف النقّال الذكّي الذي أصبح غير مؤتمن على حياتنا الخاصة بسبب برامج التصوير والتنصّت؟.
في ظل هذا التطوّر الهائل، لاسيّما وسائط التواصل، التي لديها قدرة خارقة على استدراج روادها إلى نشر وإذاعة كل شيء، حتّى عندما يتعلّق الأمر بتفاصيل حياة غاية في الخصوصية - من أجل الحصول على «الجامات» والتفاعل – صحيح نحن في زمن غير زمان جحا؟.