سيُسجل التاريخ أن سنة 2020 سنة كورونا بامتياز.. سنة الاعتماد على النفس بالنسبة للذين يعلمون أن ما في الجيب ينتهي وما في الغيب (المستقبل) يُخطط له.
هذه السنة سنة مراجعات سياسية واجتماعية واقتصادية وابتكارية، تزاحم فيها الباحثون عن حلول لركود سياسي ناجم عن محاصرة كوروناتية لهنات السياسة وحركاتها في التجمعات والأماكن المغلقة والعامة.. والباحثين عن مخارج لأزمات اجتماعية ضربت النسيج الأسري والاجتماعي وهزّته من محيط العيش والتمدرس إلى تخوم التعايش مع الوافد الجديد، واسمه كوفيد-19، وكان الأصح لو ألصق به الرقم 20، الذي يرمز إلى سنة تحول في ذهنيات كثيرين كانوا يعتقدون أن البترول مُنقذٌ، واكتشفوا أنه نقمة ولعنة، وليس تفاضلا بين الكلمتين، مثلما كان ديدن أسئلة مرحلة الثمانينات من القرن الماضي، التي كانت تستعجل التحول من الاعتماد على البترول إلى الرسو على بر الفلاحة و»السلاح الأخضر».
لكن الإلحاح على تنفيذ النقلة لم يجر السياسيين إلى هوى الجامعيين والباحثين والمثقفين، في رؤية ولاية تُطعم الجزائر، مثلما هو حاصل اليوم مع وادي سوف، التي تموّن البلاد بما لذ وطاب من خضر وفواكه، وحتى الزعفران الفارسي، وقصب السكر، وغيره من المنتجات التي لم يتعود عليها الجزائريون في زمن برميل البترول بـ120 دولار، وصاروا ينتجونه وأسعار النفط تختنق.. في الشهيق!
في 2020 عرفت البلاد، ولأول مرة، (وبفضل قوة غريبة بثّتها تداعيات كورونا في الأنفس والقدرة على رفع التحدي، نتمنى أن نراها مجسدة في دراسات تفسر لنا ما الذي حدث فعلا، وما دوافع تحولات نراها، ولا نستطيع تلمسها في الحين).. تفوُّقُ الفلاحة على النفط، ليس من باب المداخيل، بل من نافذة بروز المجهود الزراعي على ما سواه، وتحقيق رقم قد يبدو خاليا، لكنه ممكن جدا، وهو: ميزان الفلاحة يساوي 25 مليار دولار!
الفيروس التاجي، الذي يزرع مخاوف في مستويات اجتماعية معينة بالنظر إلى تداعياته الصحية، هو نفسه الفيروس، الذي «خلق» تحديات لدى اقتصاديين ومحاولات بروز مؤسسات ناشئة، وجدت بيئة مناسبة لها في محيط «كورونا»، والناجحون في هذه المحاولات يلهجون بصوت واحد: «وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم»..