كنت أتجول قبل يومين في أحد شوارع العاصمة، وفجأة صرخ أحدهم أنه قادر على معالجة «كورونا» مقسما على ذلك بكل مقدّس، كانت لحيته تغطي صدره ويرتدي سروالا يستر نصف الساق وقميصا يعلوه قليلا، وإذا بالناس يهرعون إليه مستفسرين عن طبيعة علاجه للداء، والذي أكد أن عشرات المصابين قد تم شفاؤهم منه على يديه «المباركتين»، أدركت حينها أن ما عرف قديما بجماعة الحشاشين التي أسسها حسن الصباح واتخذ من قلعة «آلموت» في بلاد فارس مقرا لها مازالت تعيش فكرة وإن إنتهت مشروعا قبل قرون.
كان حسن الصباح يبيع الوهم لأتباعه، فبعد أن يناولهم مادة مخدرة ـ تقول بعض المراجع إنها حشيش ومنها جاءت تسمية الجماعة ـ يغيبون في أحلام اليقظة حيث الحسناوات يعزفن ويرقصن على ضفاف أنهار جارية وفي ظلال حدائق ساحرة يحسبونها جنات النعيم.
كذلك الأمر مع باعة وهم علاج «كورونا» ـ الحشاشون الجدد ـ الذين يصدقهم ضعاف النفوس ممن أصيبوا بالداء، وزادت معاناتهم دون تكفل طبي بحالاتهم التي تتأزم أحيانا في غياب مرافق تضمن حدا أدنى من الرعاية اللازمة.
ختاما إذا كان هولاكو قد قضى على طائفة الحشاشين بحدّ السيف إثر مذبحة كبيرة أحرق فيها الأخضر واليابس وطالت أمهات الكتب وجواهرها، فإن الحشاشين الجدد لا يمكن أن يقضى عليهم إلا بالعلم والتنوير ومحاربة أسباب الجهل.