ستطلق الحكومة الفرنسية جملة من الإجراءات «الواسعة وغير المسبوقة» لمكافحة التطرّف الديني، بحسب قول وزير الداخلية جيرالد دارمانان، الذي أعلن أن إحدى الخطوات ستكون مراقبة 76 مسجدا. وبأن أجهزة الدولة ستنفّذ «تحركاً ضخماً وغير مسبوق ضدّ الانفصالية» بناء على تعليمات.
هذه التصريحات جاءت من ناحية السياق بعد انتفاضة الشارع ضد «قانون الأمن الشامل»، حيث شهدنا مظاهرات حاشدة في باريس وعموم فرنسا. ومن ناحية السياق العام، تؤكد منذ أشهر أن فرنسا تقود حربا مشبوهة ضد ما تسميه التطرّف، لكن الحقيقة وراء هذه السياسة الفرنسية الجديدة القديمة، لا تستهدف المتشدّدين بالفعل، كما أن أهدافها مشبوهة، بحسب الفرنسيين أنفسهم.
ما يقوم به الرئيس الفرنسي بشكل غير مباشر، هو جزء من برنامج سياسي لحزب اليمين المتطرّف الذي تتزعمه ماري لوبان، وأثبتت استطلاعات رأي سابقة قبيل الإنتخابات الرئاسية أن هذه الأفكار من بين القضايا التي لقيت ترحيبا لدى قلة قليلة، وقال محلّلون آنذاك قد تكون هذه الفئة ذات التوّجه الراديكالي رفعت شعبية الحزب اليميني لعدة أسباب سياسية، رغم أن صناديق الاقتراع ابتسمت لماكرون، عقب نجاح فريقه في اقناع الرأي العام الفرنسي بوعوده الإقتصادية، وأفكار حزبه الجديد، لأن الشارع الفرنسي أراد إنهاء عهد الأحزاب التقليدية.
اليوم وبعد أن تأكد أغلب الفرنسيين من فشل سياسة تسيير شؤون البلاد لاسيما، وانتفاضة الشارع منذ عام ضد سياساته، التي تخدم مصالح البرجوازية، وتأسست حركة «السترات السفراء «التي زعرت أركان الإليزيه وأسقطت الحكومة، وتحوّلت إلى زلزال سياسي ضد ماكرون. لولا تفشي وباء كورونا وتعطيله لارادة الشعوب. لكن الرئيس لم يجد سبيلا لمواجهة هذا الفشل سوى استخدام ورقة محاربة الإرهاب. وبدأت سياسات الفشل تنقلب عليه. وكان آخرها انتفاضة الشعب ضد قانون الأمن الشامل. وكل هذا يؤكد أن مشروع محاربة التطرّف، هو آخر ورقة يستخدمها ساكن الإليزيه لارضاء اللّوبي الصهيوني قبل الإنتخابات الرئاسية القادمة.