مرة أخرى، يبعث الجيش الوطني الشعبي برسائل قوية لفلول الإرهاب ولمن يقفون وراءه، الذين يحاولون يائسين إنعاش هذا السرطان الخبيث وتوظيفه في النيل من أمن واستقرار الجزائر من خلال مئات الإرهابيين في صفقة تبادل تم على أساسها إطلاق رهينتين فرنسيتين مقابل إطلاق 200 إرهابي، علاوة على دفع الملايين من اليورو للمنظمات الإرهابية مقابل ذلك؟
رسالة اليوم مفادها واضح، وهي أن كل من تسول له نفسه الدخول إلى الأراضي الجزائرية أو الاقتراب من حدود بلادنا، سيكون مصيره كمصير الثلاثة الذين تم القضاء عليهم بجيجل. وأن حرب الجزائر على الإرهاب لن تتوقف إلى غاية القضاء على شأفته وتيئيس من يعولون عليهم ويقفون وراءهم أو يوظفونهم في بث الارتباك واللاّأمن في الأوطان.
الجزائر التي طالما رافعت من أجل تجريم الفدية، لن تتخلى عن سلوكها في التعاطي مع الظاهرة الإرهابية ولن توفر فرصة ثانية للإرهاب للانتعاش من جديد من خلال تزويده بالعناصر والأموال؟! ليس من المعقول ولا المقبول أن تتم مكافحة الظاهرة باليمنى وإنعاشها باليسرى، خاصة وان أموال الفدية أصبحت من أكبر مصادر تمويل الإرهاب، فما بالك بصفقة يتم وفقها مقايضة مئات الإرهابيين مقابل رهينتين اثنتين؟!.
إنها الحلقة المفرغة التي يمكن وفقها القضاء على الإرهاب وتهديداته للسلم والأمن الدوليين؟ كم من مرة دفعت باريس فدية مقابل تحرير مواطنيها من أيدي الإرهابيين، لتجد نفسها مضطرة لدفع أموال طائلة من جديد لتحرير رهائن آخرين؟، ألم تفتح بذلك شهية المنظمات الإرهابية لممارسة عمليات اختطاف أخرى وجعلتها في موقع قوة تمارس من خلاله الابتزاز والمرواغة؟!
أعتقد أن بعض الحكومات مازالت تلعب على حبل المهادنة وفق منطق «تخطي راسي»، كما كانت تفعل في تسعينيات القرن الماضي، عندما كانت الجزائر تنادي بأعلى صوتها من أجل تضامن دولي لمواجهة الإرهاب الدموي، مؤكدة أنها ظاهرة عابرة للحدود ستصل إلى كل دول العالم، غير أن المجتمع الدولي حينها أدار ظهره لتلك النداءات إلى أن جاء اليوم المشؤوم، يوم استهدف مركز التجارة العالمي واستيقظ العالم على صدمة وصول الإرهاب إلى أعظم دولة في العالم، حينها فقط تخلت الدول عن أنانيتها ونفاقها في التعاطي مع الإرهاب ولكن بعد ماذا؟!.
إن مكافحة الإرهاب والقضاء عليه، مهمّة لا يمكن استكمالها إلا بتضامن دولي جدي بعيداً عن النفاق والتعامل بسرعتين. وعلى هذا المجتمع الدولي أن يؤسس جبهة عالمية موحدة لتجريم الفدية وإيقاف صفقات المقايضات المشبوهة التي عززت صفوف الإرهابيين بمئات العناصر، بعدما تم وضعهم خارج مجال الإزعاج والإجرام بتكلفة باهظة ماديا وبشريا؟
في الأخير، الجزائر التي حاربت الظاهرة وأصبحت أنموذجا يحتذى، تؤكد مرة أخرى أنها تبعث برسائل للإرهاب ولمن يقفون وراءه بأنها مقبرة الإرهاب والمشاريع التخريبية معا.