أمر يثير أكثر من سؤال، لوحظ على صدر أولى يوميات تدّعي المهنية والحرص على تقديم الخبر بتجرد، عدم تناول في أعداد، أول أمس، خبر وفاة عبد الرشيد بوكرزازة، لولا وجود الإعلام العمومي المكتوب والسمعي البصري، الذي يحرص، رغم كل ما يطاله من انتقادات، على المحافظة على قواعد المهنة لتأمين الحق في المعلومة بخصوص الحياة العامة بكافة جوانبها.
بالطبع لم يكن سهوا أو تضييعا لنبإ مهما كان يندرج في نطاق الأحداث العامة التي تستحق المتابعة والتناول على الأقل للتاريخ، وحفظ حقوق الأجيال التي تهتم بالبحث والتنقيب عن تفاصيل حياة الأشخاص والهيئات. علما أن الفقيد له دور في مرافقة الإعلام، وكان من أسرته.
من مُجمل ما طالعت، عدا يومية خاصة باللغة الفرنسية احترمت ميثاق مهنة الصحافة، فإن أخرى لطالما تشدقت بالحرية والمهنية، فضّلت افتتاح «الأولى» بمواضيع مستهلكة، ومنها ما يثير السخرية لا تؤثر فيها ولا تعني الرأي العام الوطني بتلك الأهمية التي اكتستها فيها.
الواقع، لولا أن الإعلام العمومي، وبعض العناوين الخاصة التي تحاول بناء ممارسة احترافية لاتزال هشة لاعتبارات مختلفة، تحافظ على أدائها، فإن الحق في إعلام موضوعي ونزيه سيكون من أحلام عصر العولمة، التي تغيّب الخبر وتطلق العنان لما يروج إيديولوجيات أو يخدم لوبيات أو ربما يسوّق لمواقف خارجية تحاول التأثير في الخيارات الوطنية.
للأسف، حتى في الوفاة يلاحظ تمييز وانتقاء!، فهل يعقل أن تمر عناوين تملأ الساحة صخبا وتهويلا وضجيجا، مرور الكرام على خبر وفاة رجل مارس السياسة والنضال، وتبوأ مناصب في الدولة وكان وزيرا للإعلام، أم من ليس له صلة إيديولوجية أو غيره بتلك المنابر يفقد حقه، لتفقد بذلك المهنة بريقها وتبقى في رحلة بحث عن مصداقية مفقودة لوقوع صحف وقنوات تحت تأثير عقدة الإشهار والبحث عن الأموال، بدل تقديم خبر والتعامل مع المحيط بمعايير مهنية، فأين الضمير والأخلاقيات؟..
آمل أن أكون على خطإ، فربما قد يتم تدارك التقصير احتراما للقارئ ولمهنة الصحافة، التي لا تقبل الاختلاف في الرأي ولا تقبل الازدواجية في التعامل مع المحيط. لكن «هذا هو القماش أدّي ولا خلي»، فكيف الحال لولا أن الإعلام العمومي باق، ويجب ان يستمر لتأمين خدمة عمومية وليس خدعة كما يمارسها غيره أو بعضهم على الأقل.