يستمر الفيروس الشفاف الذي اكتسح العالم وحاصر الاقتصاد بقيود الغلق الإجباري، في الضغط على أسعار النفط وفرض أسوإ السيناريوهات القاتمة التي تهدد بشل المزيد من النشاط المستأنف للمنظومة الإنتاجية العالمية وتدميرها الواسع للطلب، على ضوء الاحتمال القوي حول صعوبة أن يسفر اللقاح الجديد في ظرف زمني قصير عن تعاف سريع للاقتصاد العالمي. ولأن المخاوف بشأن انتعاش الطلب على النفط الخام والوقود تبقى على أشدها، حيث يستبعد فيها تصحيح الأسعار على الأقل خلال السداسي الأول من العام المقبل.
رغم أن «أوبك+» التي من المقرر أن تجتمع خلال نهاية الشهر الجاري وبداية ديسمبر الداخل، لتقول كلمتها في نزيف السوق وانكماش الأسعار، عقدت لجنتها الوزارية لمراقبة خفض الإنتاج، بحر الأسبوع الماضي، وكرست عقب ذلك انطباعا يحمل مؤشرات إيجابية، كونها رسمت مشهدا يبعث على الكثير من الثقة وحاول الإقناع أن الشركاء لديهم القدرة على التعامل بمرونة مع أي مستجدات طارئة، وبالتالي تصحيح ما يمكن تجاوزه من اختلالات قد تضرب بهزاتها الطلب والأسعار، وإن كان بالمقابل متتبعو السوق النفطية قد سبقوا الأحداث وتوقعوا أن منظمة الدول المصدرة للنفط «أوبك، وشركاءها، لن يتخلوا عن خيار تأجيل الزيادات الإنتاجية طيلة عام 2021.
اللافت أن معركة تصنيع اللقاح، التي تتعدى فيها المنافسة الشرسة حدود المخابر، أحرزت تقدما كبيرا بات يوحي باقتراب طرحه في الأسواق، لكن ذلك مازال غير مقنع في ظل استمرار التوقعات السيئة، على خلفية أن آفاق مستوى الطلب في فصل الشتاء غير مستقر وغامض، في وقت تنتشر أنباء عن ارتفاع في المخزونات النفطية الأمريكية التي مازالت تضغط على الأسعار وتتسبب في تدمير الطلب، مما أفضى إلى تسجيل توتر اقتصادي وقلق على النمو في ظل استمرار البيئة السعرية الضعيفة.
وإن كان بعض الشركاء في «أوبك+» يرافعون بشأن الطرح الذي ينبغي أن يلتزم فيه جميع الأعضاء بحصص الإنتاج المتفق عليها، وبعد ذلك يأتي الحديث عن أي تمديد جديد لقرار التخفيض. إذا مفاتيح انتعاش الطلب والنمو الاقتصادي بيد فعالية اللقاح الذي وحده من ينهي حالة الارتباك.