الإنسانية هي أن لا تتم التضحية بإنسان في سبيل الغاية. تذكرت هذه المقولة للفيلسوف الألماني صاحب نوبل للسلام، عام ١٩٥٢، وأنا أراجع تصريحات وزير العدل زغماتي بخصوص تفعيل القصاص وتنفيذ عقوبة الإعدام المجمدة منذ سنة ١٩٩٣ إثر توقيع الجزائر عام ١٩٩١ اتفاقية توقيف تنفيذه.
كثيرا ما تسمع من بعض السجناء أن الحبس أو خارجه بالنسبة إليهم سيان، بل يُباهي بعضهم أنه قضى محكوميته في «سجن 5 نجوم»، بما يوحي انه يستطيبُ العودة إليه.
تعطيل الإعدام، في الواقع، سبب مباشرٌ في تهديد أرواح كثيرة، وإزهاق أخرى هي بالتأكيد غالية على أهلها وذويها ممن بحّ صوتهم في طلب القصاص، بدل سجنٍ سرعان ما يغادره المجرم ليعود الى سيرته الأولى.
لقد تحولت البلاد منذ وقف تنفيذ الإعدام، أو تكاد، إلى بؤرة إجرام ازدادت اتساعا في السنوات الأخيرة، كل هذا في غياب الردع بشكل كاف.
سيادة وزير العدل، حين يُقرنُ تنفيذ عقوبة الإعدام بموت الضحية فقط إذا كان طفلا، فهذا مشكل كبير... كأننا نبيح للجناة والمجرمين، في هذه الحالة، قتل البالغين دون خوف من القصاص، لتبقى أرواح الضحايا تطارد الأحياء منّا وكل من سكت عن دم المغدور.
سيادة الوزير، إن الاختلالات الكثيرة الموجودة في مجتمعنا دفعت الجريمة دفعا إلى واجهة المشهد اليومي بشكل عبثي ومتكرر، توشك أن تقتل الضمائر الحية التي طالما استصرخت أصحاب القرار وصُنّاعه لتعديل الميزان المختل حتى لا تباع أرواح الضحايا في مزاد الغايات الفانية، وحتى لا يصدق فيهم قول الصحفي والروائي جورج أورويل، هناك شيء خطأ في كل نظام سياسي يحتاج هرما من الجثث كل بضع سنوات ليثبت وجوده.