شهد الأمريكيون انتخابات رئاسية مختلفة وفارقة في تاريخ السباقات السياسية نحو البيت الأبيض، تخللها توتر شديد بسبب صعوبة الحسم المبكر في نتائجها النهائية. ولعلّ فيروس كورونا، الذي دفع الكثيرين إلى التصويت عن طريق البريد تجنبا للعدوى، لعب دورا مؤثرا في هذا الحدث الكبير لاختيار أقوى رئيس دولة في العالم، حيث بات الخبراء والمهتمون يعتقدون بأن الناخب الأمريكي لم يكن وحده في هذا الموعد، بل شارك فيروس كورونا في التصويت والدفع نحو الأمام بالرئيس الفائز.
لعنة هذا الفيروس، التي خطفت النوم من ليالي الأمريكيين، قلّبت المفاهيم وفرضت معادلات جديدة، تجاوز فيها الاستحقاق الرئاسي الأمريكي ما كان مألوفا، حيث غيّر من طريقة الاقتراع ومن توجهات الناخبين فشجع آخرين للإقبال الكبير على التصويت عن طريق البريد.
ومثلما غيرت الجائحة في السياسة والاقتصاد والمنظومة الاجتماعية، أثبتت «نعمة كورونا» أنها كانت وراء انتصار الرئيس الأمريكي الجديد، فهل سيشهد العالم المزيد من التحول والتغيير المزلزل لكل ما هو تقليدي مستقبلا؟
التطلع الأول للعالم بعد تربع الرئيس 46 في تاريخ الولايات المتحدة على كرسي البيت الأبيض، دون شك، سينصب حول إمكانية التغيير في المسار السياسي الأمريكي، طمعا في إقامة علاقات أفضل، لأن السياسة الأمريكية الخارجية وحدها من تقود العالم، فهل ستفتح هذه الدولة العظمى صفحة جديدة، خاصة في نزاعها التجاري مع الصين وخلافاتها مع العديد من الدول في الكثير من المسائل؟ وإن بذلت أمريكا جهودا لتلميح صورتها، لكن ينتظر أن تضع مصلحتها ومصلحة الشعب الأمريكي في الصدارة، ومن ثم تغليب كفة حلفائها التقليديين أمام أي طارئ على الصعيدين الإقليمي أو العالمي.
شعوب العالم دوما تبحث عن أفق أوسع رحابة للديمقراطية والعدالة والسلم وتكافح من أجل حياة أفضل وأكثر أمانا، فهل القادم الجديد للبيت الأبيض يصنع المفاجأة؟ لكن يجب وضع بعين الاعتبار، أن السياسة الأمريكية لن تعود إلى الصفر... لأن التعديلات لن تمس بالهيكل العام للتوجه الأمريكي في سياسته الخارجية.