حال الدنيا

بين «كوكا كولا» و«بيبسي»

الخير شوار
03 نوفمبر 2020

في مسرحية «غربة»، يصوّر الكاتب الراحل محمد الماغوط، بشكل ساخر، حال قرية منسية حملت ذلك الإسم، وتفنّـن «المتداولون» على حكمها في ابتكار مختلف الحيل من أجل الاستمرار في إبقاء الأوضاع على ما هي عليه.
وتصل المشاهد العبثية ذروتها، عندما يُتلى في كل مرة «البيان رقم1»، معلنا عن نجاح انقلاب، ولم يكن الحاكم «الجديد» إلا الفنّان نهاد القلعي، الذي لا يغيّر إلا ملابسه، مرّة يكون ببزة عسكرية ومرّة يأتي بلباس مدني ومرّة بلباس تقليدي، وفي كل الحالات يقول إنه «مختار الضيعة الجديد» الذي سيملأ البلد عدلا بعد أن امتلأ ظلما وجورا.
إنه الحال نفسه في هذه «الضيعة الكونية» التي يعيش فيها، والتي يحكمها شرطي عالمي انطلاقا من البيت الأبيض الأمريكي، والذي يجدّد «قناعه» مرّة كل أربع سنوات، أو ثماني سنوات على الأكثر، تحت عنوان «الجمهورية» أو «الديمقراطية»، لكنها مجرّد عناوين فرعية لعنوان أكبر يبدو أنه مكتوب بالحبر السري، تديره مؤسسة تُبدع في خلق تشويق، في مسرحية يشارك فيها الملايين من الناس.
يتفنـن اللاعبون الأساسيون في إبراز «أفاطار» يؤدي أدوارا محدّدة في وقت محدّد، فإن أكمل مهمّته، فإن تغييره يكون بعد أربع سنوات، وإن لم يكملها احتاج إلى عهدة ثانية سيحصل عليها، مهما كانت الظروف ومهما كانت إرادة الناخبين.
كانت تسعينيات القرن العشرين، عشرية للوجه المسالم، فاختير لها من يمثّلها، وعندما احتاج اللاعبون الأساسيون إلى الحرب، عيّنوا من يؤدي الدور بنجاح، رغم أن انتخابات مطلع الألفية كانت تقول عكس ذلك.
ورغم أن قانون الانتخابات الأمريكي يفتح باب الترشح واسعا للجميع، إلا أن الإعلام لا يتكلم إلا عن مرشحين إثنين ويتجاهل البقية، في توجيه مسبق للناخبين.
إنها الانتخابات التي يصطنع فيها التشويق، لكنها محدّدة سلفا بين لونين إثنين يؤديان دورين مختلفين في الظاهر، لكن في إطار حبكة مسرحية واحدة. وقبل سنوات قال أحد المترشحين الدائمين والذي لم يفز ولن يفوز، إن الاختيار بين الجمهوريين والديمقراطيين أشبه بالمفاضلة بين «الكوكا كولا والبيبسي». 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19634

العدد 19634

الأربعاء 27 نوفمبر 2024
العدد 19633

العدد 19633

الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
العدد 19632

العدد 19632

الإثنين 25 نوفمبر 2024
العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024