اضطر «الديوان الوطني للحبوب» لإصدار بيان على طريقة شركة «نفطال» لإنتاج وتوزيع الوقود يقول فيه إن «تموين المطاحن بالمادة الأولية لإنتاج السميد متواصل طيلة أيام الأعياد الوطنية»، وإن المادة لن تشهد أية ندرة طيلة الاحتفال بعطلة عيد الثورة التحريرية.
ويأتي البيان ردا على إشاعة ملأت البلاد تقول بندرة المادة الأساسية لصناعة الخبز، تزامنا مع الحديث عن عودة ارتفاع عدد حالات الإصابة بفيروس كرونا والخوف من «موجة ثانية» من الجائحة قد تكون أكثر فتكا من الأولى.
ورغم خطورة «الموجة الأولى» من الجائحة التي راح ضحيتها الكثير من الناس، إلا أن «الفتك» الحقيقي أحدثه تجّار الأزمات الذين تمكنوا من ملء فضاءات التواصل «الحقيقي» والافتراضي من إشاعات تقول بندرة بعض المواد الأساسية ومنها السميد، ودفع ذلك جموع الناس الخائفين إلى شراء ما توفر من المادة وتكديسها بالقناطير مهما كان ثمنها، وتضاعف السعر مرّات عديدة في وقت كان فيه كثير من الناس مهدّدين في رزقهم جرّاء توقف أنشطة كثيرة مع إجراءات الحجر الصحي المتبّعة.
ولأن قانون الأزمات يؤكد اختلال العلاقات الطبيعية لصالح أخرى طارئة، فقد دفعت جائحة «كورونا» كثيرا من الناس إلى حافة الإفلاس، لصالح أناس آخرين أثروا بسرعة ويتعلّق الأمر على وجه الخصوص بتجّار السميد وبعض المواد الغذائية والمطهّرات التي بيعت بأسعار خيالية والأقنعة الواقية التي تفنن البعض برفع أسعارها مع ندرتها المصطنعة.
ولم يكتف البعض بذلك، بل روّجوا بعض السلع المغشوشة مثل السميد المخلوط بمواد أخرى، ومطهّرات اليدين التي ليس لها من الطهارة إلا الاسم وبعضها يشكّل خطرا على بشرة مستعمليه، وكل شيء يهون في سبيل الثراء السريع ومحاولة الالتحاق بنادي الأثرياء بدون ضوابط قانونية أو أخلاقية.
ويبدو أن بعض تجّار الأزمات لم يشبعوا من الموجة الأولى، وشرعوا/2 مبكرا في ترقّب إرهاصات «الموجة الثانية» من الجائحة من أجل الفتك بالناس دون شفقة أو رحمة تماما مثلما يفعل ذلك الفيروس اللعين، الذي تتعدد أشكاله وطرق عمله بدرجة حيٍّرت العلماء ولم يجدوا له دواء فعّالا إلى يوم الناس هذا.