من يتخوفون من تداعيات كوفيد-19 مستقبلا، مع الدخول المدرسي المبرمج، وعودة منحنى ارتفاع الإصابات، مثلهم مثل من لا يخافون على أولادهم العودة إلى المدرسة والجامعة والتكوين المهني، وللعمل والبحث عنه... كلهم بحاجة إلى من يشرح لهم آخر تصريح أدلى به وزير الصحة حول عدم استبعاد «تشديد إجراءات الوقاية»...
في الغالب تسقط جملة كهذه في الأذان على أنها إيذان بـ»عودة الحجر الصحي»، وليست تعبير عن إمكانية فرض حجر جزئي إن لزم الأمر، أو تعبير وارد عن محاصرة الوباء متى ظهر مجددا في منطقة ما، والاستعانة بإجراءات حجر جزئي، ممكنة أيضا.
من يخاف فرض حظر التجول ليلا مجددا، قد لا يقارن بمن يخاف انتشار العدوى، وبينهما ملايين تبحث عن «رؤية المستقبل»، ليس بعيون مختصين في الاستشراف والمستقبليات، بل بعيني أم تريد الاطمئنان على صغيرها الذي يحمل محفظة لأول مرة، وقلب أب يقصد ابنه ثانوية بعد شهور من «الاعتكاف» في البيت، لكن دون ترويض على منعكسات الوقاية الشرطية، فضلا عن من لم يأخذ في حسبانه التسلح بالمطهر والكمامة... وعدد من الفقراء، الذين تنفعُ معهم خطابات الوقاية وشروح الالتزام بها، لكنهم «عين بصيرة» و»يد قصيرة»، طالما أنهم لا يملكون ثمن الوقاية من الفيروس التاجي، ووسائل الحماية منه، حيث هم، فما بالك لمّا يصيرون آلافا تتجاور على طالة، أو في حافلة، أو على قارعة طريق، أو في جامعة... تجمعُ ما تناثر من حالات في ولايات مختلفة...
مسوغات الخوف من الآتي، حتى وإن كانت مشروعة على المستوى الشخصي والنفسي، لكنها تبقى انعكاسا لخوف أعمق مما يظهر وهو رفض التعايش مع الواقع، وبالتالي، رفض السير في اتجاه الجماعة، كرد فعل جاذب نحو «المتعود عليه»، لا «المطلوب والمرغوب... والمقبول جماعة»، وتلك معضلة مطروحة على مواطنة تبحثُ عن شكل وعنوان لها، في زمن تشجيع الجمعيات على التأسيس لمجتمع مدني، لا يزول بزوال الخطابات الداعية إليه...