من وراء إشعال فتيل الحرب بين أرمينيا وأذربيجان في هذا الوقت بالتحديد؟
ولماذا لم تنجح مجموعة «مينسك» التي تضم دولا قوية ونافذة في إطفاء شرارة فتيل النزاع حول إقليم ناغورني قره باغ؟ المثير في الأمر أن المجموعة التي تضم أمريكا وروسيا وفرنسا لديها تجارب طويلة وخاضت جولات متعددة لتسكت أصوات بؤر التوتر التي شكلت مصدر إزعاج لها، وفوق ذلك هذه الدول بيدها تقنيات الضغط والتأثير.
عادت الأزمة الأذرية الأرمينية إلى واجهة الأحداث الدراماتكية العالمية، مستيقظة من رماد ساخن بعد أن سيطرت على الأرض المعارك وارتفع أزيز الرصاص ودوى صوت القنابل في الهواء الملبد بالأطماع، مدفوعا بمصالح القوى الخارجية التي باتت تتسابق لفرض قبضتها على هذه المنطقة الإستراتجية كونها بوابة وممرا يربط آسيا بأوروبا، وتتمدد على بحر قزوين الذي يذوب في مياهه نحو 12 بالمائة من احتياطي النفط والغاز العالمي. فلا تقلّ المنطقة أهمية عن الشرق الأوسط التي كانت مسرحا مرعبا لأطول الحروب القاسية والأكثر حصادا لأرواح الأبرياء.
الحرب على الإقليم بين الجارتين تزداد حدّة وعنفا واتساعا، وسط تضارب مصالح الدول القوّية في ظل تحذيرات جديّة والخوف من انحراف الوضع نحو صراع محتدم مسلح، ينشر في القوقاز حربا مرعبة قد تستنسخ فيها مأساة سوريا أوتعيد إنتاج أفغانستان أخرى.. فهل يمكن لخط التفاوض أو لحلول المقايضة التي عادة ما تسلكها الدول صاحبة المصالح والتي تقف وراء تحريك الخلافات حاملة لعلبة الكبريت، أن تجهض الخيارات العسكرية وتقفز نحو التسوية السلمية؟
وإن كان بعض الخبراء يهتمون بالجانب الاستراتيجي، فيغلبون ورقته على المصالح الاقتصادية، على اعتبار أن أذربيجان تقع على حدود إيران، مما يجعلها مكانا مثاليا للعمل الاستخباراتي عما يحدث في المنطقة، التي يبدو أنها باتت تواجه حرب نفوذ، بسبب ما تنام عليه من خيرات.