بتنصيب الرئيس «باه نداو» لمرحلة انتقالية في مالي يكون أساس البناء قد اكتمل في الدولة وتكون البلاد قد خرجت من مرحلة الأزمة إلى ما بعدها، بعد صراع عسير أفضى إلى تلاحم الشعب بكل مكوناته الأيدولوجية التي تمثل الشعب المالي الشقيق.
خطوة تحسب لقادة المجلس العسكري الذي اختار اسم «سلطة إنقاذ الشعب» وفعلا أوفى الجيش بما وعد وكان سلطة بالشعب وإلى الشعب في صورة تلاحم ميزتها الذكرى 60 لاستقلال مالي عن الاستعمار الفرنسي الأسبوع الماضي.
أثبتت «سلطة إنقاذ الشعب» التي انبثقت من المجلس العسكري منذ استقالة الرئيس إبراهيم أبو بكر كيتا في 21 أوت الماضي أنها بالفعل منقذ للشعب وسارت بالبلاد نحو بر الأمان رغم محاولات متكررة للنظام السابق لعرقلة مسار التوجه نحو مالي جديد بكل مكونات الشعب وبأطيافه السياسية والأيدويولجية.
الإرادة الشعبية وحدها مكنت قادة المجلس العسكري من تحقيق أهدافهم في وقت وجيز وقدم الشعب تضحيات لنيل استقلال جديد، واليوم تتجه البلاد إلى الخروج بشكل نهائي من عنق الزجاجة إلى مرحلة البناء لكن كل المؤشرات توحي أن عدو الأمس لن يتوانى في إجهاض كل مساعي الطلاق بينه وبين النظام السابق وهو ما سيكون أكبر تحد للرئيس الجديد وقيادته في تسيير المرحلة الانتقالية.
الدبلوماسية الناعمة التي تنتهجها الجزائر في أزمة مالي منذ سنوات آتت أكلها في الانتقال من حالة النظام غير الدستوري إلى نظام شرعي بتنصيب الرئيس «باه نداو» الذي جاء بعد يوم واحد من زيارة وزير الخارجية صبري بوقدوم إلى باماكو، هي رسالة واضحة للخارج قبل الداخل أن دبلوماسية الجزائر تبقى دائما بعيدة عن البهرجة والتسويق الإعلامي.
دبلوماسية حسن الجوار والأخوة لا تكاد تجد لها أثرا عند فقهاء العلاقات الدولية، لأن الأخيرة تحكمها المصالح بدرجة أولى لكن الجزائر تتبنى دبلوماسية الشعوب وحق تقرير مصيرها، عقيدة راسخة لا تحيد عنها وبذلك تجسد دبلوماسية ناعمة هادئة قلما تجدها في ساحة العلاقات الدولية.