لا يزال المشهد السياسي العربي يحمل خيباته ونكساته المتكرّرة، منذ نهاية الامبراطورية العثمانية الى اليوم، أي منذ معاهدة سايكس - بيكو، مرورا بوعد بلفور ثم اتفاقية كامب ديفيد وصولا الى اعتراف «القائد» ترامب بالقدس المحتلة عاصمة لإسرائيل، وكانت أوّل خطوة تضمّنها الاعتراف بنقل سفارة أمريكا من تل أبيب إلى القدس.
التطبيع الإماراتي - البحريني مع الكيان الاسرائيلي، ليس وليد الصدفة، ولم يكن مفاجأة بالنسبة للملاحظين والباحثين، لأن المؤشرات التي أعقبت تلك الزيارة اللّغز، حملت معها إفرازاتها اليوم، خاصّة مع اقتراب نهاية عهدة المتهوّر ترامب، وتلميح أمريكي معلن بأن هناك خمس دول أخرى ستختار طريق البيعة الثانية بواشنطن، ليكتمل التطبيع في تل أبيب.
القس ترامب يريد سلاما آمنا للكيان الاسرائيلي، سلاما أبديا على الارض المباركة، كما تمناه وخطّط له هاري ترومان وهو يشق أولى خطواته بالغزو اليهودي نحو الاراضي المحتلة سنة 1948، وصمّام الأمان في هذه الخطوات جميعها، هو تنفيذ التوصيات والتمسّك بما سطّره الأوّلون، لذلك يؤكد المتهوّر ترامب أن التحدّيات القديمة تحتاج لمقاربة جديدة ودعوته للهدوء والاعتدال وإلى إعلاء أصوات التسامح على أصوات من يبثون الكراهية.
سيظّل الرفض والاستنكار الفلسطيني قائما ومتواصلا، منذ الساعات الأولى التي استبيحت فيها الأرض الفلسطينية، مرورا بمنظمة التحرير، وأطفال الحجارة، والمقاومة بأطيافها، لا شيء سيثنيهم في الدفاع عن الارض والعرض، وستستمر الى أن تأتي ساعة الفرج ولو أمضت بقية الدول على تطبيع العار مقابل الدولار، إن كتب للأرض المحتلة العيش في سلام وأمن دائمين، فلابد من تحرير فلسطين وعاصمتها القدس أبدية أبدية، دون شرط ولا قيد، وأي سلام على ظهر الدبابة أو اتفاق الخيانة مرفوض وغير مقبول، وقبل ذاك وذلك، على أبناء الارض في الداخل وفي الشتات الالتفاف وراء قضيتهم، فليست سجلا تجاريا يحلّونه عاما ويحرّمونه عاما آخر.