لم يسبق أن عرف الوطن العربي حالا أسوأ مما يحدث حاليا جراء انفراد الكيان الإسرائيلي بدعم من الصهيونية العالمية ببلدين عربيين واقتيادهما تحت مظلة أوهام سلام ماكر إلى طاولة تطبيع بالمجان دون انتزاع ولو مكسب يغطي تلك «البهدلة» المشينة.
مراسم الاستسلام الطوعي، التي احتضنها البيت الأبيض، عكست حالة يصعب تفسيرها بالنظر إلى صور المشهد البائس، رغم الابتسامة الماكرة لصاحب الضيافة وعينه على معركة انتخابية تنتظره في نوفمبر، وجد في قضية الشعب الفلسطيني مادة للترويج والدعاية الانتخابية حتى بالدوس على تعهدات واشنطن راعية السلام في زمن مضى. وهو يهمُّ بالخروج إلى شهود زور اتفاق باطل لاحظ العالم كيف قدّم رئيس وزراء الكيان الصهيوني تاركا ضيفيه البئيسين وراءه كأنهما يجران خيبة، أو يقتادان إلى مقصلة التاريخ، فالذي تم كبيرة من كبائر لا تغتفر لدى الأجيال.
كان اتفاقا لبيع من لا يملك لمن لا يستحق دون أدنى ذكر، أو إشارة للطرف المعني في معادلة تطبيع لا تلزم بأي شكل من الأشكال الشعب الفلسطيني صاحب القرار الحر والسيد في تقرير مصيره، شريطة أن يستعيد وحدته سريعا وينهي الانقسام الذي يخدم الاحتلال.
النظرات المتبادلة من الأطراف المعنية تشير إلى القاسم المشترك هو الخداع والنصب والاحتيال لخدمة شخص واحد تنكر لتعهدات بلاده، وأفصح علنا عن انحيازه للكيان الإسرائيلي للفوز بدعم اللوبي الصهيوني في مواجهة خصمه الديمقراطي بايدن الذي بقدر ما يدافع عن الشرعية الدولية ينتصر أيضا لإسرائيل.
لكن ربّ ضارة نافعة، فكلما حاولوا القفز على حقيقة الأرض الماثلة للعيان، منذ أول نكبة بعد الحرب العالمية الثانية مرورا بأوسلو عنوان الخسارة الكبرى مقابل أوهام تتبدد كل يوم ويتجرع الفلسطينيون مرارتها، بعد ان تجرعها الراحل عرفات، يبقى الشعب الفلسطيني والقدس شوكة في حلق من خانوا العهد وتنكروا للسلف ليتجرعوا مرارة الخطيئة الكبرى.
مهما كان ثمن الارتماء في حضن «الصديق الجديد» الملطخة يديه بدماء الفلسطينيين لا يُمكّن من شراء عذرية في سجل التاريخ، فلو كان كذلك لسبقهم الآباء والأجداد، لكن هيهات ان يناولوا كأشخاص تلك العزة التي تؤخذ بالمواقف والإصرار ورفض الجلوس حول طاولة خيانة مهما كانت محاطة بأضواء تعمي البصر والبصيرة وتصفيق مخادع يدفع إلى السقوط في الفخ وبابتسامة تتحول إلى كابوس.