التطبيع في الجزائر كلمة يمكن أن تلتصق بأي موضوع، وبأي تعبير، وبأي «موقف»، إلا التطبيع مع إسرائيل! فالتطبيع مع العلم الذي يحمل نجمة داوود خط أحمر، يتفق فيه الشعب مع السلطة، بلا غمزات.. ولا كلمات!
لكن بعيدا عن هذا، قد تجد تطبيعا مع فساد، أنجبته علاقة غير طبيعية ولا شرعية، بين «الشكارة» ومن كانت بين أيديهم سلطة أساؤوا استعمالها وتوظيفها، فلا غرو اليوم إن اتهموا بسوء استعمال النفوذ والمنصب، في الوظيفة العامة، وحوكموا على ذلك في قضايا مبرمجة، وأخرى في الطريق إلى المحاكم.
وقد تجد التطبيع مع ممارسات تسيء للعمران والمدينة، وتسيء إلى بيئة، تجد صعوبة في الدفاع عن نفسها، طالما أن مشايخ البلديات يقدمون 2000 دينار يوميا لخواص، يفترض فيهم نقل الزبالة إلى مراكز الردم والنفايات، فتنتهي رُزم الفضلات في الطبيعة، وعلى قارعة الطريق، وفي الحقول، وحتى في مداخل مُدن، لم تعد تستجيب لصرخات: «بركات من الزبل»!
قد تصادف تطبيعا خاصا، من خلال القفز على «الحق العام» و»العيش المشترك» و»الفضاء العام»، لدى فئات وأفراد، فإن لاحظت لأحدهم سوء سلوكه في رمي قاذورات في غير مكانها، أو قطع شجرة، أو تلويث محيط، أو إفساد مرفق عمومي، جاءك الرد سريعا: «هذا بايلك، واش دخلك»!
وقد تصطدم بتطبيع مع تقاليد ترفض الامتثال لشروط الحجر الصحي، وخصوصا تلك التي توصي بتفادي الأعراس، حتى لا ينتشر الفيروس اللعين. وفي لحظة غفلة يُنفّذ «تهديد» من نوع «خالف تُعرف»، فيُقام العُرس، ويُرحّل «حرّاقة» من نوع خاص، نحو قاعات صحية مخصصة لاستشفاء ضحايا كورونا..
وقد يُحدّثك من يخاف تكريس مظاهر سلوكية غريبة عن تطبيع في الهوية، لا يظهر للعيان اليوم، لكنه غير بعيد عن تجسيد ملامح أولى عن «التطبيع مع الآخر» في الشكل واللباس، وفي تفاصيل أخرى مرسومة على وجوه تُحدثك عن «الموضة»، القادمة من وراء البحار، وتلك التي تُروج لها وسائل إعلام تفاعلية حديثة، عملُها الرئيس، التأثير في الرأي العام، وتوجيهه بما يخدم كارتلات ناشئة وتتقوى، في الطريق نحو»المواطن العالمي»..