دخلت وثيقة تعديل الدستور مرحلة حاسمة، قبل موعد الاستفتاء الشعبي في أول نوفمبر، عقب مصادقة البرلمان بغرفتيه على المشروع.
وهي مرحلة يعزّزها النقاش المفتوح بدءا من اليوم، حيث يكون للإعلام فيه الدور المفصلي في أولى منطلقات الإصلاحات العميقة في البرنامج الرئاسي لعبد المجيد تبون وأحد التزاماته في استكمال بناء الدولة الوطنية.
يظهر من خلال الحركية التي تطبع الحياة السياسية ووتيرة التحول العام للمشهد الوطني وتكيفه مع تغيرات الراهن وتحدياته، الدور البارز للإعلام بمختلف توجهاته وتنوعه في إثراء النقاش بشأن وثيقة أسمى القوانين، لإنارة الرأي العام حول مضمون المراجعة والإجابة عن الدوافع والخلفيات بروح مهنية تفرضها الاحترافية وتشترطها أخلاقيات المهنة ويمليها نقاء الضمير.
كل ذلك لاكتمال الصورة وتجاوز كليشيهات جاهزة لا تخدم التغيير في شيء ولا تسمح بإحداث قطيعة مع ممارسات وسلوكيات مضت.
بهذه الوظيفة، يؤدي الإعلام دوره الكامل كشريك في التغيير ومرافق لورشات إصلاح، مراجعة الدستور منطلقها الأول، ومحطة عبور مفصلية لجزائر المؤسسات لا مكانة فيها لعبادة الشخصية والانفراد بالقرار السياسي، بل جمهورية تتخذ من دستور 2020، آلية قانونية للاستقرار المؤسساتي وأنظمة الحكم والممارسة الديمقراطية، يكون فيها للمعارضة موقعا ومسؤولية، دون أن تُترك على الهامش، رأيها غير مسموع وموقفها لا يُؤخذ مأخذ جد واعتبار..
بهذه الوظيفة، يدخل الإعلام المعترك السياسي لتأدية مهام دستورية ويكون احد الفاعلين في بروز دستور توافقي مطلب المرحلة، قاعدته الصلبة الفصل بين السلطات، ومبدؤه منظومة حكم تبنى على التداول على السلطة وتحديد العهدات.
بهذه الوظيفة تبرز مؤسسات الإعلام في الترويج لحقائق الأشياء وجوهرها من خلال ورشات نقاش حول مشروع تعديل دستور، تستدعي عملية إثراء نصوصه مواقف موضوعية، خالية من أفكار مسبقة وحسابات جاهزة وصورة نمطية مشبوهة.
هي معادلة تفرض قراءة بديلة للمراجعة ومقاربة تساعد على الذهاب إلى أسس جزائر جديدة يلتئم حولها الشمل وتتنافس على تطورها جدلية أفكار ورؤى.
إنها جزائر الانتصارات التي تتخذ من أصالتها قوة انطلاق نحو التفتح من خلال أحكام دستورية عنوان إصلاحات عميقة جوهرية يلعب فيها الإعلام دور الشريك الكامل.