عندما أتذكر تصريحات مسؤولين سابقين عن نسبة نمو الاقتصاد الوطني، وخصوصا ذلك الذي كان يُصر على «توظيف الأرقام» والنسب المطّاطة (رئيس الحكومة الأسبق أحمد أويحيى)، ألوم السوسيولوجي السويسري جون زيغلر على قولته الشهيرة: الحكومات الغربية تكذب باستخدام النسب!
ألوم هذا السوسيولوجي، الذي تعلّم منه «تلميذ نجيب» كيفية استعمال وتوظيف الأرقام، سياسيا، حتى ولو كان موضوعُ السؤال: ما رأيك في الاستفتاء على المصالحة الوطنية!
مرّت فترة، توارى خلفها عدد من المسؤولين، مسجونين حاليا، خلف «الإجابات المؤثثة بالأرقام»، حتى باتت تصريحاتٌ تحمل أرقاما ونسبا، في الغالب، لا تتوافق مع سياق الكلام، أو محشورة حشرا فيه، في سياق يتطلب، ربما شرحا، أكثر من النسب والأرقام، خصوصا إذا تعلق الأمر بقضايا مهمة أو حساسة، مثل اقتصادُ بلد، كانت كلُّ مؤشراته حمراء، ومع ذلك تجد من انطبع بردود فعل كرّستها سياسةُ من كان يقُولُ بلغة الواثق من «توظيف الأرقام»: الاقتصاد الوطني حقّق نسبة نمو 6 بالمئة»!!
الأرقام كانت مزروعة في كل مكان، في التصريحات، والتقارير، بمناسبة، وبدونها، في الصيف والشتاء، إلى درجة فقدت فيها ما بقي لها من حُظوة في تبرير «ما يقال»، في كل الأحوال.
اليوم، الناس بحاجة إلى من يشرح لهم «الذي حدث»، و»ما حدث» ولماذا انهارت القدرة الشرائية، ولماذا ظهرت مناطق الظل.. والفقراء، الذين كان وزراء تضامن سابقين ينفون وجودهم.
اليوم، يتوق مَنْ تهاطلت عليهم الأرقام والنسب، بعيدا عن نشرات الأحوال الجوية، دون أن يفهموا منها شيئا، سماع إجابات، الحُجّةُ فيها أسرع من صوت الإحصائيات والأرقام، المعروفة بقاعدة «لا طعم ولا لون لها»..