أظهر الحراك الشعبي في مالي منذ الاطاحة بالرئيس ابوبكر كيتا في 18 أوت الماضي أسلوبا جديدا في التعامل مع الاعلام الاجنبي لاسيما الفرنسي منه، كونه ينتهج سياسة دعائية براغماتية من خلال تخصيصه حيزا زمكانيا لقضية مالي عبر فضائياته وصفحات جرائده، وكأنها شأن داخلي فرنسي يثير الاستغراب والتساؤل!
الشعب المالي اكتسب هذه المرة خبرة من الماضي القريب في التعامل مع الاعلام الاجنبي، الذي يعمل وفق اجندات يمكن وصفها بالخبيثة، وبروباغاندا تشبه تلك المتبعة ايام النازية الالمانية خلال الحرب العالمية في تزييف الحقائق.
إعلام فرنسا نقل المعلومات بوجه وضع المحتجين في مالي من المدافعين عن وطنهم في خانة الانقلابيين، لكنه لم ينقل للعالم الجرائم التي تقترفها قوات اجنبية في الساحل الافريقي بذريعة محاربة الارهاب.
الاعلام الفرنسي أراد مجانبة الحقيقة بتغييب صوت معارضة شعبية وسياسية غالبية منذ اعلان كيتا رئيسا لمالي لعهدة ثانية، وأراد إظهار تلك الدعوات بغير الدستورية. والكل يعرف لماذا يلجأ الاعلام الفرنسي لتبني هذا النهج، لكن المحتجين الداعمين للقادة العسكريين لم يفسحوا المجال للاعلام الاجنبي، واكتسحوا ميدان التحرير وسط العاصمة باماكو بلافتات تدعم الجيش وقادة العسكر، الذين قادوا العملية الانقلابية باسم «الشرعية الشعبية».
كاميرات الفضائيات لم تتمكن من تسليط الضوء على احتفالات الماليين الحاملين للافتات كتب عليها «تحيا الجيش» و«عاش العسكر»، واللون الأخضر رمز للباس العسكري خطوة نجحت في مواجهة الدعاية بشكل مثير للاستغراب، هو أسلوب جديد لم يسجل في أحداث سابقة شهدتها مالي، يؤكد التخطيط الجيد لمواجهة الدعاية الاجنبية تحت شعار «لا يلدغ المؤمن من الجحر مرتين». فالأشقاء في مالي تيقّنوا ممّن يقف معهم ومن يقف ضدهم بعد محاولة سابقة للإطاحة برجالات فرنسا في مالي كان آخرها منذ ثماني سنوات.