في محيطنا ما يكفي من الإشارات لدق ناقوس خطر من نوع خاص، يتناسب مع ما يجري تحضيره من «قبول للآخر»، ليس من باب الاندماج، أو حقوق الإنسان، أو قبول الآخر بمرجعية غالب ومغلوب، التي كرّسها الاستعمار، ورفعت حركات التحرر غُيومها عن عقول المستقلّين حديثا..
المتحولون، كلمة قد لا تعني كثيرا لأجيال آيلة للزوال، لكنها تعني شيئا ذا بال لمن كبروا على البرمجة العقلية، الجاري تنفيذها جزئيا على أذهان «أجيال المستقبل»، في الرسوم المتحركة وفي مستهلكات، الإشهارُ فيها ليس بريئا، وبرامج للأطفال والمراهقين، ولومن باب تغيير معاني قاموسية، مثل «مهبول».. ويجري تنفيذها في برامج تعليمية تقول للعقول البضّة إن «الأب» غير ضروري في تركيبة العائلة الحديثة، وهي صورة تكرسها رسوم متحركة وبرامج ثلاثية الأبعاد، مربوطة إلى جذع العنف كسلوك لفرض الاحترام على «الآخر»..
في العقدين الأخيرين، دفعت وسائل إعلام ثقيلة أمولا طائلة لشركات خاصة تخصصت في الترويج لـ»المستقبل» على طريقتها الخاصة، التي تؤهل المدمنين على الشاشة الصغيرة والكبيرة لقبول أفكار لم تنبت في بيئة طبيعية، وتزرع فيهم قبول الآخر «كما هو»، ومنه الذوبان فيه، دون نقاش ولا مقدمات، في سياق «المواطن العالمي»، الذي يشجعه «ماكدونالدز»، وتُلبسُه مصانع أخرى، على ذوقها، بما ينزع منه خصوصيته، وفرادته الهوياتية..
ما يجري اليوم بعيدا عن أعيننا، في فضاءات التواصل الاجتماعي، وخصوصا أنستغرام، الذي يزرع في المراهقين، ما لا دواء له، في الجانب الذي نتحدث عنه.. يدفعنا رأسا للزفير.. في الشهيق!
لو يستمر هذا الاستهداف في برامج تلفزيونية وصفحات تواصلية، بعيدا عن الرقابة العلمية والتربوية والأخلاقية، سنستفيق يوما على ظواهر اجتماعية ونفسية، ما أنزل الله بها من سلطان، ونكون عندئذ ضيعنا جزءا من «محليتنا» وجزءا آخر من هويتنا.. والكثير من الوقت المطلوب لفهم ما يحدث وإيجاد إستراتيجية معاكسة للتيار الغالب، المبرمج لغايات، تتجاوز واقعنا، إلى المنظور، الذي كان موضوعا في خانة «الخيال» في الستينيات والسبعينيات»، لكن «عقول هوليوودية» قرّبته حتّى صار واقعا اليوم.. وهي مشتغلة على جوانب أخرى حذر منها مالك بن نبي، وغيره، في «القابلية للاستعمار»..