يؤرقني الوضع البيئي في الجزائر ويصيبني بالإحباط، ولا أجد تفسيرا لما آلت إليه شوارع وطرق الكثير من المدن من تدهور في نظافتها، النفايات تحيط بالمواطنين من كل جهة. وبالرغم من الإمكانيات المادية والبشرية التي تم توفيرها، لم تتمكّن «نات كوم» ولا «إكسترانيت» ولا حتى البلديات من الإحاطة بإشكالية النفايات المتفاقمة يوما بعد يوم، بفعل النمو السكاني، ولكن أيضا بفعل التقصير والإهمال وحتى التواطؤ أحيانا.
أزيد من 13 مليون طن من النفايات المنزلية تطرح سنويا، كمية كبيرة لم تعد مراكز الردم التقني، التي تجاوز عددها 100، أن تستوعبها، ولا يسترجع منها سوى كميات قليلة جدا بنسبة لا تتجاوز 7 بالمائة، حسب أرقام الوزارة الوصية، بينما تستورد مواد ومنتجات مصنعة من رسكلة وتدوير هذه المخلفات.
إشكالية النّفايات ليست جديدة على مدننا، ولأجل الإحاطة بها سُنّت تشريعات وقوانين، منها قانون «الملوّث الدافع»، غير المطبّق في الواقع، أو بالأحرى ترك حرية تطبيقه من قبل أصحاب المؤسسات التي تمارس نشاطات ملوثة للمحيط، كما تمّ تشكيل وزارة تعنى بشؤون البيئة بتسميات مختلفة وقد تعاقب عليها وزراء كُثُر، ووُضعت سياسات وسُطّرت استراتيجيات، لكنها لم تغير من الوضع البيئي إلا قليلا، وحتى الجمعيات الناشطة في المجال البيئي لم تغير الصورة، بالرغم من عددها الكبير، ونشاطها الميداني قليل جدا.
والسؤال الذي يبقى مطروحا: ما جدوى القوانين إذا كان تطبيقها «اختياريا وليس إجباريا»، وما جدوى صرف مبالغ مالية باهظة بالعملة الصعبة على استشارات مكاتب الدراسات، يبدو أن ما اقترحته من حلول لم يكن ذا جدوى في معالجة الوضع البيئي، خاصة تغيير ذهنيات بعض الجزائريين المنعكسة في سلوك الرافض دوما لكل ما يستلزم احترام قواعد النظافة وحماية المحيط، بما يحمي الصحة العامة.