حدث وحديث

«الأكواس» ولغز الانقلاب

جلال بوطي
08 سبتمبر 2020

منذ الانقلاب العسكري في مالي يوم 18 أوت الماضي، تدخّلت مجموعة دول غرب أفريقيا «الأكواس» على خط الأزمة بعد اعتقال الرئيس ابراهيم أبو بكر كيتا، وسيطرة العسكر على زمام مقاليد الحكم في البلاد، حينها أدرك الشعب المالي أن لا صوت يعلو فوق صوته وإرادته في التغيير، وسارع الى دعم «اللجنة الوطنية لإنقاذ الشعب» التي تمخّضت عن مشاورات قادة الانقلاب.
هذه الخطوة جعلت «الأكواس» تدخل على خط الأزمة، لكن ليس لحلها ولكن لدعوة الانقلابيين إعادة الحكم للنظام الدستوري، لكنها لم تدرك أن من نفّذوا الانقلاب حضروا لإطاحة كيتا بشكل ذكي وعلى نار هادئة، وهنا يكمن التساؤل كيف لنظام سياسي عاش انقلابات عسكرية لم يتفطّن لحركة قادة عسكريين حرّكوا الرمال الثابتة أم أن القضية حاجة في نفس كيتا قضاها؟
الحالة الصحية للرئيس كيتا كانت مؤشّرا على ضرورة استبعاده من الحكم قبيل اختياره لعهدة رئاسية جديدة، لكن أوامر من باريس طلبت من الحليف البقاء في الحكم لغياب شخصية ولاء لقصر «الاليزيه» تكون بديلا له تزامنا مع تنفيذ فرنسا أجندات مشبوهة في الساحل الافريقي، هذا ما لم تتفطّن له دول غرب افريقيا آنذاك، وسعت مهرولة لاستعادة النظام الدستوري وأمهلت قادة الانقلاب العسكري حتى 15 من سبتمبر الجاري لتعيين سلطة مدنية، هنا علامة استفهام أخرى لماذا لم تطلب «الأكواس» عودة كيتا وفضّلت سلطة مدنية دون تنظيم انتخابات رئاسية؟
«الأكواس» في الحقيقة لا تعمل لصالح القارة السمراء، ولكن تنفّذ أجندات استعمارية سابقة تحت غطاء إفريقي، وبات من الواضح أنّ نواياها في منطقة الساحل هو حماية مصالح شخصية ذات ولاء شديد لباريس بقدر ما تسعى الى حماية مصالح الشعوب الافريقية، لذلك فهم الشعب المالي اللعبة وتمسك بـ «السلطة الوطنية لإنقاذ الشعب» التي يمثلها قادة الانقلاب العسكريين. الدبلوماسية الناعمة هي التي تحمي مصالح الشعوب وترافق إرادتها في التغيير، وتعلي صوتها حين يتغوّل الاستبداد من طرف الانظمة الشمولية لا أن تسعى الى اعادة البناء بحطام قديم، وهو ما تلجأ اليه «الأكواس» حاليا في مالي لكنها ستفشل.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19634

العدد 19634

الأربعاء 27 نوفمبر 2024
العدد 19633

العدد 19633

الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
العدد 19632

العدد 19632

الإثنين 25 نوفمبر 2024
العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024