أثلج القانون الخاص بالتصدي لعصابات الأحياء صدور المواطنين، بعد أن بعث فيهم الأمل في القضاء على ظاهرة طالما رسمت يومياتهم، لاسيما في الأحياء الجديدة، ولكن لم يعد يقتصر وجود العصابات على الأحياء.
ولكن للشواطئ والمواقف هي الأخرى عصابات احتلتها وأصبحت تفرض الإتاوات على الداخلين إليها في مشهد يذكرنا بالقرصنة؟ والويل كل الويل لمن يقاوم أو يرفض دفع ثمن طاولات، كراسي وشمسيات تم نصبها مسبقا على طول الشاطئ، وليس أمام المواطن.
أما الخضوع لهؤلاء والدفع أو التنّحي جانبا والجلوس في الخلف أو البحث عن مكان آخر، وفي هذه الحالة سيجد نفسه أمام عصابة أخرى، وهي عصابة موقف السيارات، في حال لم يفرض عليه الدفعُ مسبقا، وفي كل الحالات لا يترك له إلاّ الخضوع مكرها حفاظا على سلامته وسلامة عائلته من بطش تلك العصابات؟
إن مثل هذه الظواهر لم يعد من الممكن السكوت عليها أكثر، فهي لم تعد تشكل خطرا على المواطن فقط، ولكن على هيبة الدولة وكينونتها كذلك، علما أن أصل كل هذه الآفات سببه ضعف سلطة الدولة، ولولا ذلك لما تجرّأ هؤلاء الصعاليك على فرض «قوانينهم» على مرأى ومسمع السلطات، مما جعل المواطن يفقد الثقة في دولته، ولا يعوّل عليها في حمايته، وأصبح كل واحد يفكّر في حماية نفسه، وهنا تبدأ بوادر الفوضى والتسيّب ويصبح كيان الدولة وأمن الوطن مهدّدين؟
إن الانتشار المخيف للجريمة وللعصابات سببه سياسة اللاعقاب، التي عمرّت طويلا، إلى درجة أن بعض الشباب المنحرف أصبح يرى في دخول السجن مفخرة ومكانة اجتماعية، والبعض الآخر يرى فيه قدوة ورمزا للتحدّي والتمرّد، إنه الخطر الداهم الذي يجب وقفه فورا، من خلال إعادة النظر وبشكل جذري في كيفية التعاطي مع هؤلاء المجرمين والمنحرفين وظروف قضاء محكوميتهم في السجن، عندها فقط لن يصبح دخول السجن هدفا لبعض الشباب الحالمين ببطولات وهمية ولن يصبح خرّيج السجن «المحابسي» قدوة ؟.!