تحول الفضاء الأزرق إلى بيت كبير للعزاء تقدم فيه المواساة، وينعي المدونون موتاهم افتراضيا وعن بُعد، الكل ينعي قريبا، صديقا، أخا أو فردا من عائلته الصغيرة أو الكبيرة.
شبح كورونا يختطف كل يوم جزائريين، يسرقهم في رمشة عين وعلى حين غفلة، مأتم في كل بيت يجد أصحابه أنفسهم دون رفيق ولا صديق يؤنس غربتهم ويخفف عنهم حالة الآسى، غريبة حالة الحزن في زمن كورونا، ووحدهم الموتى يشيعون إلى منازلهم الأزلية دون مواكب جنائزية تليق بهم.
يقول البعض إن كورونا لا تقتل، ويقول آخرون، إنما هي آجال تفرض سلطتها الأزلية.. صحيح الأقدار بيد خالق الكون وحده لا سواه، ملكوت كل شيء وهذا متفق عليه ولا يحمل التشكيك ولا النقاش ولكن التهاون والاستهتار بالأمور يقف وراء تسجيل الكثير من الأرواح التي توفاها الأجل، لأنها لم تقرأ عواقبها جيدا، جائحة كورونا ليست انفلونزا موسمية عادية، ولا مرضا عابر سبيل بمجرد أن تمنحه حبات أنسولين يغادر أجسادنا وتنتهي الوعكة الصحية بمجرد الالتزام بالإرشادات الطبية المقدمة.
الحياة الاجتماعية في الشوارع والأحياء والمدن لا توحي بأن هذه المناطق تعيش حجرا جزئيا أو شاملا فالحركة بها فاقت المعقول، والعرسان في تسابق مع الزمن كمثل الذي تتخطفه الطير، يتسابقون إلى الموت دون أن يشعروا أنهم يعرضون أنفسهم للخطر ومن ورائهم الذين حضروا الولائم والأفراح ولنا في عدد الضحايا المئات من هؤلاء المستهترين ممن يتجاهلون عواقب ذلك.
ألا يستطيع العرسان تأجيل مواعيد أفراحهم إلى مواقيت لاحقة، حتى تطمئن الأنفس وترتاح الضمائر وتنزل سكينة الصبر على أفئدة من فجعوا في ميت قريب؟ ألا يمكن تأخير الأعراس ولو لأشهر بعد أن انتظر أصحابها سنوات؟ حفاظا على أنفسهم وعلى أرواح غيرهم.
نحن ندعي في أحاديث، وحين أوقات الصلاة، أننا من سلالة أمة محمد التي تقرأ الأشياء من نواصيها، ندعي أننا أمة تحترم تعاليم الدين وأولي الأمر من المشايخ والعلماء، لكننا في الواقع بعيدون عن هذه الأمنية الجميلة، طالما لدينا بيوت هي عنوان لفقيد ترجله الموت وغدرت به الجائحة، لأنه لم يتقيد بالتعليمات اللازمة، في زمن يعتدي فيه المريض على الطبيب دون حسيب ولا رقيب. الفيروس يصطادنا دون شفقة كما يختار القناص ضحاياه في الليل والنهار.