الحرقة في زمن كورونا

نورالدين لعراجي
27 جويلية 2020

عندما تتحدث الصحافة الإسبانية عن وصول أكثر من 400 شاب حراق جزائري عبر قوارب الموت إلى الضفة الأخرى من المتوسط، وفي ليلة واحدة يصل أكثر من 200 شاب حراق إلى شواطئ مورثيا بجنوب إسبانيا، فانه وجب دق ناقوس الخطر أمام ما يحدث من هجرة غير شرعية متنامية ومنظمة، حيث تناولت وسائل التواصل الاجتماعي فيديوهات وصور لمواكب من الهجرة غير الشرعية انطلقت بها قوارب الموت من سواحل بومرداس، عين تموشنت ومستغانم، في مواقيت متقاربة جدا بين الرحلات وتزامن وصولها في توقيت واحد، جعلها حديث العام والخاص وسجلت الصحافة الإسبانية مستغربة هذا الاجتياح ؟
أسئلة كثيرة تطرح حول هذه العمليات المنظمة والتي لم تكن اعتباطية بالمرة، فهي لم تقتصر على مجموعة أشخاص فقط، كما عودتنا في السابق قوارب الموت، لكن أن تغامر أسر وعائلات بأطفالها في أعماق البحار دون خوف، الأكيد أن هناك خلل ما في المنظومة الاجتماعية، يجب التوقف عنده ودراسة هذه العينات بنظرة حقيقة، لأن الأمر خطير جدا، لما له من انعكاسات سلبية على المنظومة المجتمعية برمتها.
تعيش البيوت الجزائرية اليوم انعكاسات هذه الظاهرة خاصة في بيوت بها شباب ومراهقون دون عمل، خطر يهدد بقية العائلات التي لا تستطيع مراقبة أبنائها وهم خارج البيت، خاصة في ظل تنامي الظاهرة التي اختفت مرة واحدة لتعاد إلى الواجهة بشكل غريب و مثير، وتبقى إفرازاتها تنعكس سلبا على بقية العائلات وتقلقها حد الخوف المرتقب، وهل يعقل أن تستقل عائلات جزائريه قوارب الموت غير مبالية بخطورة الموقف ولا الوضع الصحي العالمي ؟
إن انتشار مثل هذه الفيديوهات سيحفز بقية الشباب ممن لم تسعفهم الفرصة في الظفر بمنصب عمل، أو الذين يتخبطون في بطالة مدقعة بعد تخرجهم من الجامعة، وربما الذين فقدوا مناصب عملهم بعد جائحة كورونا، على القيام بنفس المغامرة في عرض البحار ، وليس في كل مرة تسلم الجرة كما يقال، وقد تتحول الهجرة إلى مآتم في عرض البحر دون أن تكتب لها النجاة.
أطفالنا وأبناؤنا اليوم في خطر، ما لم يتم إيجاد الحلول جراء ما يحدث من تهديدات لا يمكن معرفة من يقف وراءها، وإمكانية التأثير في عقول هذه الفئة الشبابية سهل جدا، ما لم ندق ناقوس الخطر والإجابة عن سؤال جوهري، لماذا يهاجر أبناؤنا ويغامرون في رحلات الموت، لا نريد إجابات موسمية تزول فعاليتها بمجرد تشديد المراقبة ومنع البوطي من الهجرة، بل البحث وراء تلك الأسباب حتى نمنع حدوث أشياء نحن في غنى عنها.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19634

العدد 19634

الأربعاء 27 نوفمبر 2024
العدد 19633

العدد 19633

الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
العدد 19632

العدد 19632

الإثنين 25 نوفمبر 2024
العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024