الوفاق لتجاوز الإنسداد

فضيلة دفوس
17 جويلية 2020

خلافا للذين يتابعون الوضع في تونس من وراء نظارتهم السّوداء فلا يرون من واقع التّغيير هناك غير أزمة سياسية خانقة، واقتصاد منهك، واحتقان اجتماعي متصاعد، فإنّني أفضّل أن أتابع ما يجري في الشقيقة الشرقية بعيون تقرأ الأحداث والتطوّرات بحياد وموضوعية، وتقف عندها بإيجابياتها وسلبياتها، فمن الحكمة أن لا ننظر إلى الجزء الفارغ من الكأس فقط، ومن الإنصاف أن نضع الوقائع في الزاوية المضيئة حتى ندرك جيّدا خلفياتها وأبعادها، ومن هنا يمكنني أن أجزم بأنّ تونس قطعت بالفعل أشواطا مهمّة في مسارها الديمقراطي  المنشود، والتعثّر الذي تواجهه بين الحين والآخر، هو أمر عادي، ودرس تستفيد منه لتحقيق تطلّعات شعبها الذي كان أوّل شعب عربي ينتفض ضدّ سلطته الفاسدة، وينجح عبر ثورة هادئة في الإطاحة برئيسه وفي مباشرة بناء جمهورية جديدة على أسس العدالة والمشاركة السياسية والانفتاح على الآخر.
قد ينظر البعض إلى الأزمة السياسية التي تعيشها تونس ككارثة تهدّد كيان الدولة واستقرار البلاد، لكنّني أراها ظاهرة طبيعية تحدث في  أعتى الديمقراطيات، فمادام أن الخلافات والتجاذبات السياسية لا تخرج من داخل أسوار المؤسسات الشرعية المنتخبة، ولا تدوس على القوانين والأعراف وتجعل الدستور ومواده خطّا أحمر، فالأمر صحّي، والوفاق سيحصل في النّهاية بين السّياسيين الذين أظهروا ولازالوا   يظهرون حرصهم الكبير على حماية تونس من أيّ انسداد أو انزلاق، يبقى فقط أن ندعو إلى أهمّية احتواء الأزمة السياسية دون مماطلة، وتغليب المصلحة العليا للبلاد ووضعها فوق كلّ الاعتبارات الحزبية، والاجتماع حول برنامج وطني لمجابهة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الصعبة التي زادتها الأزمة الصحيّة هشاشة.
أملنا كبير في أن تتمكّن الجارة الشرقية من تجاوز خلافاتها السياسية الداخلية بأقرب وقت، لأن البلاد بحاجة مستعجلة إلى الاستقرار والهدوء ليس فقط  للتركيز على شؤون التنمية، بل ولمتابعة التطوّرات الخطيرة التي تجري في ليبيا والتي تلقي بظلالها الداكنة على دول المنطقة كلّها وتضع أمنها على المحك.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19634

العدد 19634

الأربعاء 27 نوفمبر 2024
العدد 19633

العدد 19633

الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
العدد 19632

العدد 19632

الإثنين 25 نوفمبر 2024
العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024