مازال فيروس «كوفيد 19» يضغط بقوّة على أسعار النّفط ويكبح توازن السّوق، ويتسبّب في انكماش الطلب، وسط غموض كبير وتخوّف من استمرار تفشي الوباء، الذي مازال يعيق عودة نمو الاقتصاد العالمي إلى طبيعته قبل مرحلة الوباء. ورغم أنّ الصين عادت بشكل تدريجي للانفتاح واستعادة وتيرة أداء نموها الإنتاجي، لكنها كانت قد اقتنت كميات كبيرة قامت بتخزينها عندما تهاوت الأسعار شهر أفريل الماضي، وهذا ما يقلّص من مستوى إقبالها على العرض خلال الأشهر القليلة المقبلة.
إنّ الطلب لم يرتق بعد إلى مستوى طموح الانتعاش المفترض تحقيقه في السوق، وحتى أمريكا التي فجّرت ثورة الزّيوت الصّخرية، وأغرقت العالم بالثروة السّوداء تواجها مأزقا بسبب تكبّد مؤسّساتها النفطية الصغيرة خسائر ضخمة وعدد منها يواجه مصير الإفلاس، لذا لا يستبعد أن يتغير موقف الولايات المتحدة الأمريكية بشكل جذري، وتسرع بالانضمام إلى مساعي تصحيح توجهات السوق التي تنذر في حالة استمرار تفشي الوباء إلى الدخول في دوامة اختلال التوازن بين معادلتي العرض والطلب، في وقت مازالت السوق النفطية تحت وطأة ضغوط الانكماش، في سابقة لم تشهدها الصناعة البترولية من قبل.
تشكّل عودة انفتاح الرحلات الجوية والبحرية مؤشرا إيجابيا، يفضي إلى بداية تحسن الطلب الذي مازال حسب الخبراء يوصف بالهش رغم أنّ مسار «أوبك+» الذي انتهجته الدول المنتجة، يعبّد الطريق نحو التوازن المنشود والسعر العادل لكن ليس قبل عدة أشهر من تقييد المعروض، لذا من غير المرجح ترقب أن تنتعش الأسعار إلى مستوى يخلصها من التذبذب ويرفعها إلى مستوى تطلعات الدول المنتجة.
تواجه «أوبك» وشركاؤها من المنتجين المستقلين في الوقت الراهن، عدة عوامل سلبية في صدارتها كورونا وتراكمات السوق وضعف الطلب، لكن ومع كل ذلك تواصل مسعى التخفيض بشكل مطمئن، لأنّها تدرك أن الفيروس عارض، سيزول تدريجيا باكتشاف اللقاح، الذي سيكون بمثابة الحل السحري الذي يجعل الاقتصاد العالمي يعود بوتيرة يتوقع أن تكون مضاعفة، لخلق الثروة ومد السوق بمختلف المنتجات.